أقول:
قد تعرض شيخنا أبو جعفر الطوسي المتوفى سنة 460 لاستدلال القوم بهذه الآية وأجاب عنه بالتفصيل، فليت الماتن لاحظ كلامه ولم يكرر الاستدلال. قال شيخنا رحمه الله بتفسير الآية: " واستدل جماعة من المخالفين بهذه الآية على إمامة أبي بكر، من حيث أن أبا بكر دعاهم إلى قتال بني حنيفة وعمر دعاهم إلى قتال فارس والروم، وكانوا قد حرموا القتال مع النبي صلى الله عليه وآله بدليل قوله * (لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) *.
وهذا الذي ذكروه غير صحيح من وجهين، أحدهما: إنه غلط في التاريخ ووقت نزول الآية. والثاني إنه غلط في التأويل. ونحن نبين فساد ذلك أجمع. ولنا في الكلام في تأويل الآية وجهان: أحدهما: أن ينازع في اقتضائها داعيا يدعو هؤلاء المخلفين غير النبي، ويبين أن الداعي لهم فيما بعد كان النبي على ما حكيناه عن قتادة وسعيد بن جبير في أن الآية نزلت في أهل خيبر وكان النبي هو الداعي إلى ذلك. والآخر: أن يسلم إن الداعي غيره ويبين أنه لم يكن أبا بكر ولا عمر، بل كان أمير المؤمنين. (1) هذا أولا.
وثانيا: إنه يمكن تسليم أن الداعي أبو بكر وعمر، وأن يقال: ليس في الآية ما يدل على مدح الداعي ولا علي إمامته.. (2).
وثالثا: إنه يكشف عن عدم دلالة هذه الآية على ما قالوا: استدلال المحصلين من علمائهم لإمامة أبي بكر من جهة الأخبار، لا من جهة الآية، وعمدتهم حديث الاقتداء الآتي.
ورابعا: إن أحاديث القوم أنفسهم في تفسير الآية مختلفة، وكذا أقوال مفسريهم كما لا يخفى على من راجع (3).