الجامع بل الحديث عنها حديث عن الله سبحانه لوحدة الرضا والغضب بينهما، فإنه سبحانه يرضى لرضاها ويغضب لغضبها، والله المحسن وهو الجميل ومطلق الجمال والحسن، وإنه يحب الجمال، ولو كان الحسن والجمال شخصا لكان فاطمة، بل هي أعظم، فهي جمال الله وحسنه، وإنها الحوراء الإنسية، فهي خير أهل الأرض عنصرا، فإنها نور الله جل جلاله اشتقت من نور أبيها وبعلها، وفارقتهما في القوس النزولي، فكان أبوها وبعلها في صلب آدم إلى عبد المطلب وأبي طالب، وبقيت هي في العرش الإلهي في مشكاة تحت ساق العرش، ثم انتقل إلى الجنة، وبقي في رياضها محبورا، ثم أودعه الله في شجرة من أشجارها وفي ثمارها وأغصانها، حتى إذا عرج النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) إلى السماء ودخل الجنة، وأكل من تفاحها ورطبها، فتناول من ثمار الجنة ومن شجرة فاطمة (عليها السلام)، فتحولت نورا في صلبه، ثم هبط إلى الأرض، فواقع خديجة الكبرى لتحمل منه فاطمة الحوراء الإنسية، ومن ثم كان النبي يشم منها رائحة الجنة.
ففاطمة (عليها السلام) من صلب خاتم النبيين وأشرف خلق الله أجمعين محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) مباشرة ومن دون واسطة، دون غيرها، فكانوا من صلب آدم (عليه السلام). فهي خير أهل الأرض عنصرا، وأشرف بعد أبيها وبعلها مقاما، وأكرم منزلا.
فخلقت من نور محمدي علوي قبل خلق آدم بآلاف من السنين، خلقت حورية في صورة إنسية، ثم تكونت نطفتها في أعالي الجنة، ونطقت وتحدثت في بطن أمها، وقال جبرئيل عنها أنها النسلة الطاهرة الميمونة، وسجدت ونطقت بالشهادتين عند ولادتها، فهي المباركة الطاهرة الصديقة الزكية الرضية المرضية المحدثة الزهراء البتول الحرة، العذراء الحوراء النورية السماوية الحانية، أم الحسنين، أم أبيها، أم الأئمة النجباء، فهي الصديقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى. ومن عرفها حقيقة فقد أدرك ليلة القدر.
والمعرفة أساس الحياة وروحها، فمن لا معرفة له - كالكافر - فلا حياة له، وكان ميتا يمشي بين الأحياء. وبالمعرفة يتم الإيمان ويزداد بزيادتها، وإنها تأخذ حيزا كبيرا في الحياة الإنسانية بكل أبعادها وجوانبها، حتى الشريعة المقدسة التي هي عبارة عن قوانين الحياة التشريعية من أجل السعادة الأبدية، فالمعرفة لها الحظ الأوفر على