الرسالة وعنصر النبوة، كما قال الباقر (عليه السلام): الشجرة الطيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفرعها علي (عليه السلام) وعنصر الشجرة فاطمة (عليها السلام) وثمرتها أولادها، وأغصانها وأوراقها شيعتها (1).
وكما أنه لولا العنصر يبست الشجرة وذهبت نضرتها، فكذلك لولا فاطمة لما اخضرت شجرة الإسلام، فإن الشجرة تسمو وتنمو بتغذيتها من أصلها. وشجرة الشريعة الحنيفية قد سمت ونمت بمجاهداتها ودفاعها عن إمامها وبعلها الشريف المظلوم ومجاهدات أولادها وتضحياتهم، لا سيما شبليها الكريمين، فإن الحسن (عليه السلام) بصلحه أبقى شجرة الإسلام ومنعها من الاصطدام والحسين (عليه السلام) بإبائه عن البيعة وبذل مهجته الشريفة سقاها ورباها، ولولا صلح الحسن وقيام الحسين (عليهما السلام) ليبست شجرة الإسلام وما قام لها عود ولا اخضر لها عمود. ولا يخفى أن أصل الحسن والحسين عليهما السلام أمهما فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ولولاها لم يكن أبوها وبعلها وبنوها (عليهم السلام) كما تقدم في صدر الكتاب.
ولتمام البحث فاستمع لما يتلى من بعض الأخبار في هذا المعنى: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
أنا شجرة، وفاطمة أصلها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرها (2).
وعن المفضل بن محمد الجعفي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:
* (حبة أنبتت سبع سنابل) * (3) قال: الحبة فاطمة (عليها السلام)، والسبع السنابل سبعة من ولدها، سابعها قائمهم... (4).
وقال بعض أهل التحقيق: سر التعبير عنها (عليها السلام) بالحبة يحتمل وجهين:
الأول: إما كناية عن أنها هي المقصودة أولا وبالذات، وإما أن تكون مجرى هذه الأمانات الإلهية ومظاهر التوحيد الحقيقي صلوات الله عليها، ووجه التشبيه أن من لم يكن من الزراع عنده حبة فهو آيس من تحصيل الزراعة، فأصل النظر عنه دائما إلى الحبة فقط وإلا فالنتيجة منها غير حاصلة، وكذلك وجود الزهراء صلوات الله عليها