بدره أبو لهب فقال: سحركم صاحبكم.
فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله، فقال الغد: يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثم اجمعهم. ففعلت، ثم جمعتهم فدعاني بالطعام فقربته ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا ثم تكلم رسول الله فقال: يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا ويكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم. فأحجم القوم عنها جميعا، فقلت وأنا أحدثهم سنا: يا نبي الله أنا وزيرك عليه. قال: فأخذ برقبتي فقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. فقال القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع.
قال أبو الفداء: واستمر النبي على ما أمره الله ولم يبعد عنه قومه في أول الأمر ولم يردوا عليه حتى عاب آلهتهم ونسب قومه وآباءهم إلى الكفر والضلال، وأجمعوا على عداوته، وذب عن رسول الله عمه أبو طالب، فجاء رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد مناف، وأبو سفيان بن أمية بن عبد شمس، وأبو البختري بن هشام بن الحارث بن أسد، والأسود بن المطلب بن أسد، وأبو جهل بن هشام بن المغيرة، والوليد بن المغيرة المخزومي عم أبي جهل ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميان، والعاص بن وائل السهمي وهو أبو عمرو بن العاص، فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد عاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا فانهه عنا أو خل بيننا وبينه، فردهم أبو طالب ردا حسنا، واستمر رسول الله على ما هو عليه، فعظم عليهم فأتوا أبا طالب ثانيا وقالوا له ما قالوه أولا، فقالوا له: إن لم تنهه وإلا نازلناك وإياه حتى يهلك أحد الفريقين، فعظم على أبي طالب ذلك، فقال لرسول الله: يا ابن أخي إن قومك قالوا لي كذا