في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ". فالآية صريحة في النهي عن اتخاذ الكافرين أولياء إلا في حال الخوف واتقاء الضرر والأذى، واستدلوا بالآية 106 من سورة النحل: " من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ".
قال المفسرون: إن المشركين آذوا عمار بن ياسر، وأكرهوه على قول السوء في رسول الله، فأعطاهم ما أرادوا. فقال بعض الأصحاب: كفر عمار. فقال النبي: كلا، إن عمارا يغمره الإيمان من قرنه إلى قدمه. وجاء عمار، وهو يبكي نادما آسفا، فمسح النبي عينيه، وقال له: لا تبك، إن عادوا لك، فعد لهم بما قلت.
واستدلوا أيضا بالآية 28 من سورة غافر: " وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ". فكتم الإيمان، وإظهار خلافه ليس نفاقا ورياء، كما زعم من نعت التقية بالنفاق والرياء وبالآية 195 من سورة البقرة: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".
ومن السنة استدلوا بحديث " لا ضرر ولا ضرار " وحديث " رفع عن أمتي تسعة أشياء: الخطأ والنسيان: وما استكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، والطيرة، والحسد، والوسوسة في الخلق ".
والحديثان مرويان في كتب الصحاح عند السنة. وقول الرسول الأعظم، " وما اضطروا إليه " صريح الدلالة على أن الضرورات تبيح المحذورات.
وقال الغزالي في الجزء الثالث من إحياء العلوم " باب ما رخص فيه من الكذب ": " إن عصمة دم المسلم واجبة، فمهما كان القصد سفك دم مسلم قد اختفى من ظالم فالكذب فيه واجب ".
وبعد أن نقل الرازي الأقوال في التقية، وهو يفسر قوله تعالى " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال: " روي عن الحسن أنه قال: التقية جائزة للمؤمنين إلى يوم القيامة، وهذا القول أولى، لأن دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الإمكان ".
ونعى الشاطبي في الجزء الرابع من الموافقات ص 180 على الخوارج " إنكارهم سورة يوسف من القرآن، وقولهم بأن التقية لا تجوز في قول أو فعل على الإطلاق والعموم ".
وقال جلال الدين السيوطي في كتاب الأشباه والنظائر " ص 76: " يجوز