شطر المسجد الحرام ".
ونتساءل: إذا جاز النسخ على الله بهذا المعنى في الأمور التشريعية فهل يجوز عليه ذلك في الأشياء الكونية والطبيعية، وذلك بأن يقدر الله ويقضي بإيجاد شئ في الخارج، ثم يعدل ويتحول عن قضائه وإرادته؟
اتفق المسلمون جميعا على عدم جواز النسخ في الطبيعيات، لأنه يستلزم الجهل وتجدد العلم لله، وحدوثه بعد نفيه عنه. تعالى عن ذلك علوا كبيرا، ويسمى هذا بالبداء الباطل، وقد نسبه البعض إلى الإمامية جهلا أو تجاهلا، رغم تصريحاتهم المتكررة بنفيه.
روى الشيخ الصدوق في كتاب " إكمال الدين وإتمام النعمة " عن الإمام الصادق أنه قال: من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شئ لم يعلمه أمس فابرأوا منه.
وبعد أن نفى المسلمون جميعا البداء بهذا المعنى أجازوا بداء لا يستدعي الجهل وحدوث العلم لذات الله، وهو أن يزيد الله في الأرزاق والأعمار، أو ينقص منهما بسبب أعمال العبد، قال المفيد شيخ الشيعة الإمامية في كتاب " أوائل المقالات " باب القول في البداء والمشيئة: " البداء عند الإمامية هو الزيادة في الآجال والأرزاق، والنقصان منهما بالأعمال ".
وتدل على هذا الآية 60 من سورة غافر: " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم " وروى الترمذي في سننه باب لا يرد القدر إلا الدعاء أن النبي قال: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر (1).
وبالتالي، فقد اتفق السنة والشيعة بكلمة واحدة على أن أية صفة تستدعي الجهل وتجدد العلم فهي منفية عن الله سبحانه بحكم العقل والشرع، سواء أعبرنا عنها بالبداء أو بلفظ آخر، وعليه فلا يصدق القول بأن الشيعة أجازوا البداء على الله دون السنة، لأن المفروض أن البداء المستلزم للجهل باطل عند الفريقين. فأين محل النزاع والصراع؟
هذا، إلى أن الإمامية قد تشددوا في صفات الباري أكثر من جميع الفرق