ومهما يكن، فإن غرضنا الأول من نقل كلام الشيخ الطبرسي الإمامي هو التدليل على أن علماء الإمامية لم يتفقوا بكلمة واحدة على القول بالرجعة. وقد اعترف باختلافهم الشيخ أبو زهرة، حيث قال في كتاب " الإمام الصادق " ص 240 ما نصه بالحرف: " ويظهر أن فكرة الرجعة على هذا الوضع ليست أمرا متفقا عليه عند إخواننا الاثني عشرية، بل فيهم فريق لم يعتقده ".
وقال السيد محسن الأمين في كتاب " نقض الوشيعة " ص 473 طبعة 1951:
" الرجعة أمر نقلي، إن صح النقل به لزم اعتقاده، وإلا فلا ". وقال ص 515 يتعلق بالبداء: " أجمع علماء الإمامية في كل عصر وزمان على أن البداء بهذا المعنى باطل ومحال على الله، لأنه يوجب نسبة الجهل إليه تعالى، وهو منزه عن ذلك تنزيهه عن جميع القبائح، وعلمه محيط بجميع الأشياء إحاطة تامة جزئياتها وكلياتها، لا يمكن أن يخفى عليه شئ، ثم يظهر له ".
ولو كانت الرجعة من أصول الدين أو المذهب عند الإمامية لوجب الاعتقاد بها، ولما وقع بينهم الاختلاف فيها، أما الأخبار المروية في الرجعة عن أهل البيت فهي كالأحاديث، في الدجال التي رواها مسلم في صحيحه القسم الثاني من الجزء الثاني ص 316 طبعة 1348 ه، ورواها أيضا أبو داود في سننه ج 2 ص 542 طبعة 1952، وكالأحاديث التي رويت عن النبي في أن أعمال الأحياء تعرض على أقاربهم الأموات (كتاب مجمع الزوائد للهيثمي ج 1 ص 228 طبعة 1352 ه).
إن هذه الأحاديث التي رواها السنة في الدجال وعرض أعمال الأحياء على الأموات، وما إلى ذاك تماما كالأخبار التي رواها الشيعة في الرجعة عن أهل البيت. فمن شاء آمن بها، ومن شاء جحدها، ولا بأس عليه في الحالين.
وما أكثر هذا النوع من الأحاديث في كتب الفريقين (1).