الفساد، وحسم مادة الفتن، ولأن الإمام لطف يمنع القاهر من التعدي، ويحمل الناس على فعل الطاعات، واجتناب المحرمات، ويقيم الحدود والفرائض، ويؤاخذ الفساق، ويعزر من يستحق التعزير، فلو جازت عليه المعصية، وصدرت عنه انتفت هذه الفوائد، وافتقر إلى إمام آخر.
أما السبب الأول لقول الشيعة بالعصمة فهو قوله تعالى: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا - 33 الأحزاب ". وقول الرسول الأعظم: " علي مع الحق، والحق مع علي يدور معه كيفما دار " وقوله " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، وإنهما لم يفترقا، حتى يردا علي الحوض ". رواه مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده. ومن دار معه الحق كيفما دار محال أن يخطئ. وأمر الرسول بالتمسك بالعترة والكتاب يدل على عصمة العترة من الخطأ، تماما كعصمة الكتاب، وقوله لن يفترقا، أي لا يخالف أحدهما الآخر.
وروى صاحب كنز العمال من السنة أن النبي قال: " من أحب أن يحيا حياتي، ويموت موتي، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول عليا وذريته من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة " (1).
وإذا كان النبي هو الذي وصف أهل بيته بالعصمة فأي ذنب للشيعة إذا أطاعوا ربهم، وعملوا بسنة نبيهم؟!.. لقد أقام المهوشون الدنيا وأقعدوها على الشيعة، لأنهم قالوا بالعصمة، ولو كانت لهم أدنى خبرة بسنة الرسول لقالوا بمقالة الشيعة، أو ألقوا المسؤولية على الرسول نفسه، إن كان هناك من مسؤولية. ثم إن قول الشيعة بعصمة الأئمة الأطهار من آل الرسول ليس بأعظم من قول السنة أن الصحابة كلهم عدول، وأن المذاهب الأربعة يجب اتباعها، وأن اجتهاد الحاكم، أي حاكم، واجتهاد الإمام الأعظم تحرم مخالفتهما، لأن صلاح الخلق في اتباع رأيهما. (المستصفى للغزالي ج 2 ص 355 طبعة بولاق، وأصول الفقه للخضري ص 218 الطبعة الثالثة).
ومهما يكن، فإن الرجال تعرف بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال، كما