لك: إن الإمام الجصاص، والإمام عبدة كذبا البخاري في رواية سحر النبي.
وقال الأول: إن هذا من وضع الملحدين. وقال الثاني إن السحر يستلزم تصديق المشركين وتكذيب الرسول. وعليه فأنت بين أمرين: إما أن لا تقبل روايات البخاري والكليني معا، وإما أن تقبلهما معا، ولا أظنك تفعل هذا ولا ذاك.
بل تقبل البخاري، دون الكليني، وتناقض نفسك بنفسك. وهذا هو منطق كل من رد وتحامل على علماء الإمامية.
لقد ذهل الشيخ أبو زهرة عن ذلك، وذهل أيضا عن أن مخالفة المرتضى والطوسي للكليني إنما هي كمخالفة مالك لأبي حنيفة، والشافعي للاثنين، وأحمد لثلاثة في كثير من المسائل. وإذا كان اختلاف علماء الإمامية فيما بينهم يستدعي طرح أقوالهم كلا أو بعضا فكذلك الأمر بالنسبة إلى علماء السنة، وأئمة المذاهب.
إن اختلاف أنظار العلماء في صحة الحديث وضعفه كاختلافها في الأحكام نفسها لا يستدعي تكذيبهم، وطرح أقوالهم. بل إن أبا زهرة صرح في كتاب " المذاهب الإسلامية " ص 21 بأن الخلاف الذي نتج عن الاستنباط كان محمود العاقبة حسن النتيجة. فهل هذا الحسن يختص بعلماء طائفة دون أخرى؟
وبعد هذه الوقفة القصيرة مع الشيخ أبي زهرة نعود إلى الحديث عن مصحف فاطمة، وقد جاء ذكره في أخبار أهل البيت مع تفسيره، وأنه كان من إملاء رسول الله على علي، قال الإمام الصادق: عندنا مصحف فاطمة، أما والله، ما فيه حرف من القرآن، ولكنه من إملاء رسول الله، وخط علي. قال السيد محسن الأمين في " الأعيان " قسم أول من ج 1 ص 248: إن نفي الإمام الصادق أن يكون فيه شئ من القرآن لكون تسميته بمصحف فاطمة يوهم أنه أحد النسخ الشريفة فنفى هذا الايهام.
وفي كتاب الكافي أن المنصور كتب يسأل فقهاء أهل المدينة عن مسألة في الزكاة، فما أجابه عنها إلا الإمام الصادق، ولما سئل من أين أخذ هذا؟ قال:
من كتاب فاطمة. إذن مصحف فاطمة كتاب مستقل وليس بقرآن. فنسبة التحريف إلى الإمامية على أساس قولهم بمصحف فاطمة جهل وافتراء.
والأولى نسبة هذا القول إلى الذين زعموا بأن لعائشة قرآنا، فيه زيادات عن هذا القرآن. قال جلال الدين السيوطي في كتاب " الاتقان " ج 2 ص 25 طبعة