والطوائف، وبالغوا في تنزيهه عن كل ما فيه شائبة الجهل والظلم والتجسيم والعبث، وما إليه. فلم يجيزوا على الله ما أجازه الأشاعرة وغيرهم من سائر الفرق الإسلامية الذين قالوا بأن الخير والشر من الله، وإنه سبحانه يكلف الإنسان بما لا يطاق، وإنه تعالى علوا كبيرا يأمر بما يكره، وينهي عما يحب، ويفعل بدون غرض (كتاب المواقف ج 8 للإيجي وشرحه للجرجاني، وكتاب الفروق للقرافي ج 2 وكتاب المذاهب الإسلامية لأبي زهرة). كما أن الإمامية قد نفوا التجسيم عن الله الذي قال به الحنابلة، ومنهم الوهابية الذين رووا عن النبي:
" لا تزال جهنم يلقى فيها، وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله، فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قط. قط ". (العقيدة الواسطية لابن تيمية المطبوعة مع الرسائل التسع سنة 1957 ص 136).
الرجعة:
قال فريق من علماء الإمامية: إن الله سبحانه سيعيد إلى هذه الحياة قوما من الأموات، ويرجعهم بصورهم التي كانوا عليها وينتصر الله بهم لأهل الحق من أهل الباطل، وهذا هو معنى الرجعة. وأنكر الفريق الآخر ذلك، ونفاه نفيا باتا.
ونقل هذا الاختلاف الشيخ الإمامي الثقة أبو علي الطبرسي في " مجمع البيان " عند تفسير الآية 83 من سورة النمل: " ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون ".
قال: استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية.
ووجه الدلالة - بزعم هؤلاء - أن اليوم الذي يحشر الله فيه فوجا من كل أمة لا يمكن أن يكون اليوم الآخر بحال، لأن هذا اليوم يحشر فيه جميع الناس لا فوج من كل أمة لقوله تعالى في الآية 48 من سورة الكهف: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ". فتعين أن يكون الحشر في هذه الدنيا لا في الآخرة.
أما الذين أنكروا الرجعة من علماء الإمامية فقد قالوا: إن الحشر في الآية يراد به الحشر في اليوم الآخرة، لا في هذه الحياة، والمراد بالفوج رؤساء الكفار والجاحدين، فإنهم يحشرون ويجمعون لإقامة الحجة عليهم.