الأئمة إلهامي، وليس بكسبي، وترقى بعضهم، فنسب إلى الشيعة القول بنزول الوحي على الأئمة وبرد هذا الزعم بالإضافة إلى ما نقلناه من أحاديث الأئمة الأطهار ما قاله الشيخ المفيد في كتاب " أوائل المقالات ": " قام الاتفاق على أن من يزعم أن أحدا بعد نبينا يوحى إليه فقد أخطأ وكفر وهنا سؤال يفرض نفسه، وهو: بماذا يفتي الإمام إذا لم يجد نصا في الكتاب والسنة؟ هل يجتهد، ويعمل بالرأي، كما يجتهد العلماء؟
الجواب:
إن القرآن والسنة فيهما تبيان كل شئ ولو بجنسه أو نوعه، وقد جاء في الحديث أن النبي أتى الناس بما اكتفوا به في عهده، واستغنوا به من بعده، وغير الإمام يضطر إلى الاجتهاد، حيث تخفى عليه مقاصد الكتاب ومعاني آياته، وحيث لا يهتدي إلى الأحاديث النبوية بالذات، كما لو سمعها من الرسول الأعظم، أما الإمام فإنه كما سبق وبينا يحيط بجميع علوم الكتاب والسنة، ولا يخفى عليه شئ يتصل بهما، فيفتي بالنص الخاص إن وجد، وإلا فبالأصل العام، والأصل العام بالنسبة إليه تماما كالنص الخاص بلا تفاوت، لأن المفروض أن الإمام معصوم كالقرآن يدور الحق معه حيثما دار، وعليه فلا يخطئ في التفريع والتطبيق. وبكلمة أن غير الإمام عنده حديث ضعيف وحديث صحيح، وحديث معارض، وآخر بلا معارض، وحديث مجمل، وآخر مبين، أما الإمام فالحديث عنده هو عين ما قاله الرسول مع الصراحة والوضوح.
وما دام الخطأ محالا في حقه فلا يقال: إنه مجتهد يعمل بالرأي، لأن المجتهد يحتمل في حقه الخطأ والصواب على السواء، ولأجل هذا نقول: إن من استطاع أن يأخذ جميع ما يحتاج إليه من الأحكام مشافهة من المعصوم لا يجوز له الاجتهاد بحال، وإن بلغ من العلم ما بلغ، وقد ذهل عن هذه الحقيقة جماعة من السنة، فأجازوا الاجتهاد، والعمل بالرأي على النبي بالذات (1). وليت شعري كيف يقال: إن النبي مجتهد، والمجتهد يخطئ ويصيب، وقول النبي هو الحجة البالغة، والدليل القاطع الذي يعتمده جميع المجتهدين والمحققين؟