الأخيار... حاشا وكلا.. بل نهى الأشرار عن الفساد والعدوان، وأمر الأخيار بنضالهم وجهادهم، إن أصروا وتمردوا منذرا العاصي بالعقاب، ومبشرا الطائع بالثواب، دون أن يتدخل بقدرته من أجل هذا أو ذاك: " ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض " (4 محمد).
على دين النبي بأمر الله تعالى، ودين النبي (ص) تفسر أعمال الحسين (ع)، وكل حركة من حركاته، وخطوة من خطواته، فدين النبي هو الهوية والماهية الحقيقة لوقعة كربلاء، وفيه يكمن سر خلودها وبقائها ببقاء اسم محمد، ورسالة محمد.
إن مضي الحسين إلى القتل على دين النبي يدلنا بصراحة لا تقبل التأويل على أن هذا الدين العظيم لا يعترف بأحد كائنا من كان إذا أحاط به الظلم والفساد، ولم يحرك ساكنا حرصا على نفسه وجاهه.. أبدا إما أن الحسين لم يمض على دين النبي، لأنه جازف وتهور، وإما أن الساكت عن الحق يبرأ منه النبي ودين النبي، ولا واسطة.
ونقول: إن هذا معناه الجهاد، والجهاد لا يجب إلا مع المعصوم أو نائبه الجواب: إن الجهاد على نوعين، جهاد الغزو بقصد الدعوة إلى الإسلام وانتشاره.. وهذا هو الذي يجب كفاية بإذن المعصوم أو نائبه، ويختص بالذكر، دون الأنثى، وبالصحيح، دون المريض.
النوع الثاني: جهاد الدفاع عن الدين والحق، وهذا يجب عينا لا كفاية، ومطلقا غير مقيد بإذن المعصوم ولا نائبه، تماما كوجوب الدفاع عن النفس، ويشمل الذكر والأنثى، والمريض والأعرج والأعمى، كلا حسب استطاعته ومقدرته. (انظر الجواهر وغيرها من كتب الفقه).
المدعي الزائف وبالتالي، فإن الصراع بين الخير والشر طبيعة لا مفر منه، فإذا طغى الشر في مجتمع، ولا مكترث فإن معنى هذا أن المجتمع لا عدو فيه للشر، ولا ناصر يتحسس الخير، ويهتم بالدين، لأن العدو ينبغي أن يحارب مهما تكن النتائج...