ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ". فقد أجمع المفسرين على أن المراد بأبنائنا الحسن والحسين، وبنسائنا فاطمة، وبأنفسنا النبي وعلي. وقال النبي:
" علي مني وأنا من علي... علي مع الحق والحق مع علي.. علي رباني هذه الأمة....
من كنت مولاه فعلي مولاه "، إلى غير ذلك من الفضائل التي قال عنها طه حسين في كتابه " علي وبنوه ": " إن عليا كان أهلا لها ولأكثر منها، ويعرفها له خيار المسلمين، ويؤمن بها أهل السنة كما تؤمن بها شيعته ".
هذا، إلى عقل يتسع لكل شئ، وفراسة لا يكاد يخفي عليها شئ، وحكمة هي الحقيقة والواقع الملموس وبلاغة ليس فوقها إلا بلاغة القرآن. إن هذا العلم والعقل وهذه الحكمة والبلاغة قد جعلت من الإمام ترجمانا للتشريع ومرجعا في جميع العلوم الإسلامية، وقدوة لكل مذهب من مذاهب المسلمين. لم يكن للمسلمين علوم مدونة في عهد الإمام، ولما صار لهم علوم منظمة، لها أبواب وفصول، ووضعوا الكتب في الفقه والأصول والتفسير والحديث، وعلم الكلام والتوحيد، والأدب وتاريخه، والبلاغة، وفي المذاهب والفرق، وما إلى ذلك استعان بنور علمه وحكمته كل عالم ومؤلف، واحتج بقوله وبلاغته كل أديب وكاتب. (أنظر كتاب علي والفلسفة للمؤلف).
كان علي عالما بالأصول والأنظمة التي قررها القرآن والرسول، والتي تحقق للناس الرخاء والهناء فحرص عليها، وأمر عماله بالعمل بها ومن تلك الأصول:
" احترام الجماهير ". قال في عهده لمالك الأشتر النخعي لما ولاه على مصر: " إن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة... فليكن صفوك لهم، وميلك معهم ".
وكتب إلى أحد عماله على الخراج " لا تبيعن للناس في الخراج كسوة شتاء ولا صيف، ولا دابة يعملون عليها ولا عبدا. ولا تضربن أحدا سوطا بمكان درهم. " " رعاية الموظفين " وقد أوصى الأشتر أن يختار الموظفين الأكفاء، وأن " يسبغ عليهم الأرزاق فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم. وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا ".
" زيادة الانتاج ". وقال للأشتر: " وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ في نظرك من استجلاب الخراج ". إلى أن قال: " وإنما يؤتي خراب الأرض