في بستان السلطان، وكان الشرطة يسمعون باسمه، ولكنهم يجهلون شخصه، وليس عليه ما يدل على علمه ومكانته، فسمع وأطاع، وعمل كغيره، ودخل الوزير البستان يراقب الأعمال، وما أن وقعت عيناه على الشيخ حتى انكب على قدميه يقبلهما ويعتذر، ويقول: من جاء بك يا سيدي، فقال: أعوانكم أيها الظلمة، قال أقلنا يا سيدي، واخرج بسلام، فأبى الشيخ إلا أن يبقى مع المظلومين، وقال: وهؤلاء إخواني، كيف أخرج، وادعهم في ظلمكم! قال الوزير: يخرجون معك، فأبى الشيخ، وقال: غدا تعودون بهم إلى السخرة، فأعطاه الوزير أوثق العهود على أن لا يسخر أحدا أبدا، فرضي الشيخ، وخرج هو والعمال.
ثم قال صاحب كتاب المدخل في صفحة 139 " إنما عز الفقيه بفهم المسائل وشرحها ومعرفتها، ومعرفة السنن والعمل بها.. ومعرفة البدع وتجنبها...
قال الله سبحانه: إنما يخشى الله من عباده العلماء. فجعل خلعة العالم الخشية والورع، ولكن البعض جعل خلعته توسيع الثياب والأكمام وكبرها وحسنها وصقالتها " قال صاحب البحار في المجلد السادس ص 209 طبعة 1323 هجرية " كان النبي ص يلبس القلانس تحت العمائم، والعمائم بغير القلانس... وكانت له عمامة يقال لها السحاب، فوهبها للإمام علي (عليه السلام) وكان ربما طلع فيها الإمام، فيقول النبي ص أتاكم علي في السحاب " ويدل على هذا أن النبي لم يكن يتقيد بزي خاص، ولم يوجب أحد من أئمة الدين على طلاب العلم وشيوخه لباسا معينا.
وبعد أن أصبحت العمامة شعارا مقدسا بحكم العادة واستمرارها بوجب صيانتها من يد العابثين وضحكة الهازئين، وجب على أهلها الحقيقيين أن يلزموا أولي الأمر بسن قانون يحوطها من الفوضى، ويصونها من جاهل منتحل، ومراء محترف، لو تزيا غير الشرطي بزي الشرطي لعاقبه القانون، فهل تأتي الأيام، ونرى لمرجع ديني كبير ما لشرطي صغير من نظام يحفظه ويرعاه، وإن عجز أهل الدين والعلم الصحيح عن إيجاد هذا النظام فألف خير لهم وللمجتمع أن يسيروا مكشوفي الرأس، أو يلبسوا الكوفية والعقال من أن يتزيا بزيهم