ولدها الضغط على الشيعة، كما زعم الزاعمون، ولكنه تكريم للبطولة والتضحية، وإحياء للجهاد المقدس، واعتزاز بالإباء والكرامة، وإيمان بسلطان العدالة والحرية، وثورة على معاهدة سنة 36 المصرية، وعلى الشركة الانكلوايرانية، وعلى الاستعمار في تونس وعلى الفساد في جميع البلاد، على كل ظالم مستعمر ومستثمر أمويا كان أم غير أموي.
ليس يوم عاشوراء للشيعة فحسب، ولا للسنة، وإنما هو للناس أجمعين، لأنه جهاد وتضحية، وحق وصراحة، ونور وحكمة، وليس لهذه الفضائل دين خاص، ولا مذهب خاص، ولا وطن خاص، ولا لغة خاصة. هذا هو يوم عاشوراء في حقيقة ومغزاه.
أما زيارة كربلاء وشد الرحال إليها من بلاد نائية فهي تكرار وتأكيد لما يهدف إليه يوم عاشوراء، وإنك واجد تفسير ذلك مكتوبا في القطع المعلقة على قبر الحسين يتلوها الزائر ساعة دخوله الحضرة المقدسة، وخروجه منها، وقد جاء فيها:
" إني سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم محقق لما حققتم مبطل لما أبطلتم، فأسأل الله أن يجعلني من خيار مواليكم العاملين بما دعوتم إليه، أهتدي بهديكم، وأن يجعل محياي محيا محمد وآل محمد، ومماتي محمد وآل محمد ".
يتلو الزائر هذه الكلمات وأمثالها بقلب خاشع ونفس مطمئنة في بقعة أرتفع فيها صوت الحق ضد الباطل، وخفقت رايات الهدى ضد الضلال، وشع فيها نور العدالة ليمحو ظلام الجور، وأريقت دماء زكية لتطهر الأرض من رجس الاستعباد.
لم تعرف الكرة الأرضية في عهد يزيد مناصرا للحق غير هذه البقعة الصغيرة المسماة بأرض كربلاء، يقصدها الزائر ليشهد الله والناس على نفسه أنه لا يتبع إلا الحق، ولا يناصر إلا أهله، وأنه عليه يحيا ويموت، يحيا حياة محمد وآل محمد، ويموت ممات محمد وآل محمد.
إذن ليس معنى كربلاء تأليه الأحجار والأخشاب، وعبادة الأرض والتراب.
هذا شاعر - الجواهري - زار قبر الحسين، وبين الغاية من زيارته، والهدف