في سورة الأعراف آية 32 و 33 " قل: من حرم زينة الله التي أخرج لعباده..
والطيبات من الرزق... قل: إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي ".
إن هذه الآية الكريمة أباحت للانسان أن يحيا في نعيم الطيبات ويظهر بمظاهر الأبهة والزينة، بل أنكر الله على من حرم ذلك، لأن التحريم ينافي الحكمة من خلق الزينة والطيبات التي أخرجها الله لعباده، وحرمت الفواحش والخلاعة وانتهاك الأعراض والحرمات، والإثم والبغي.
وعلى هذه الآية يرتكز تشريع القوانين والأحكام الدينية، فتطلق للفرد حريته وسعادته ومواهبه ولا تكون الحكومة ولا غيرها وصيا ولا وليا عليه، وإنما تكون رقيبا ومحاسبا ورادعا له عن الإثم والبغي، عن الإضرار بالغير والتعدي على حقوق الناس، كي لا يعيش إنسان على حساب إنسان.
إن للفرد وجودا مستقلا عن غيره، ووجودا يوصف كونه جزءا من الجماعة، له حقوقه المادية والأدبية.
ليس للإسلام مذهب خاص يسمى الاشتراكية أو الديمقراطية وإنما هو دين وشرع يدعو إلى العدالة الاجتماعية والمحبة والمساواة يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وقد تلتقي هذه الدعوة من بعض جهاتها مع المذاهب المادية والآراء الفلسفية، وتفترق عنها من جهات أخرى ولا تعني هذه الملاءمة أن تلك الدعوة هي عين هذا المذهب وحقيقته.
وكثيرا ما يحسن الإنسان بذكائه وصفاء فطرته بمعنى من المعاني فيعبر عنه في معرض حديثه بأسلوب ساذج عادي ثم يقرر هذا المعنى كحقيقة علمية جاءت نتيجة لدرس العلماء وتجاربهم، كقول أبي ذر " إذا ذهب الفقر إلى بلد قال الكفر: خذني معك " فقد أثبت العلم أن سلوك الإنسان وليد لحالاته وظروفه فإذا كان جائعا لم ينتفع بالحكمة الصالحة والموعظة الحسنة، لأنه يفكر ببطنه لا بعقله ومثل هذا الحس الصائب لا يصح أن نسميه مذهبا في الأخلاق، ونظرية في العلوم التي هي نتيجة البحث والأقيسة والاستنتاج.
إن أبا ذر صحابي، مثله مثل أي صحابي آمن بالله ورسوله، وبالاسلام ومبادئه ولكنه يمتاز عن غيره بالزهد والجهر بالحق، وهاتان الميزتان هما السبب الوحيد