لنسبة الاشتراكية إلى أبي ذر.
كان لأبي ذر زوجة سوداء وكان يرحمها ويرفق بها، وكان أصحابه ينصحونه ويلحون عليه بأن يتزوج غيرها فل يقبل منهما النصح، وكان إذا وزع العطاء على المسلمين أخذ عطاءه وأنفقه على الفقراء وكانت له غنيمات يرعاها بنفسه، ويحلبها بيده، فيبدأ بجيرانه وأضيافه إذا كان عنده رغيفان أعطى أحدهما لذي حاجة، وكان لا يقبل عطاء من حاكم ولا من غيره إلا إذا كان العطاء عاما. أرسل إليه عثمان مائتي دينار فجاء الرسول، وقال له: هذه من عثمان، وهو يقول لك: إنها من صلب ماله ما خالطها حرام، فقال له أبو ذر: هل أعطى أحدا من المسلمين مثلما أعطاني؟ قال كلا، فقال أبو ذر: إذهب أنت والدراهم، إنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسعهم ولست في حاجة إلى المال، فقال له الرسول:
أصلحك الله إني لا أرى في بيتك كثيرا ولا قليلا!
فرفع أبو ذر الوسادة وأراه قرصين من خبز الشعير، وقال للرسول: بل عندي هذان وإني لغني بهما وبثقتي بالله وإيماني بالحق.
يمقت أبو ذر الاحتكار بشتى أنواعه ومعانيه حتى الهدايا، فإنها لا تحل له ولا لغيره إذا لم تكن عامة شاملة للجميع، وهو غني بكوز الماء والشعير لأنهما وسيلة تيسر له الوصول إلى هدفه الأسمى وعقيدته المثلى.
أما صراحة أبي ذر فقد جرت عليه الويلات وسببت له الضرب والبؤس والتشريد، عندما أسلم أبو ذر كان عدد المسلمين لا يزيد على أربعة، فتعرض لصناديد قريش، وجهر بالإسلام وتحداهم مناديا بأعلى صوته: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. فضربوه حتى كاد يقضى عليه لولا أن يكفهم عنه العباس بن عبد المطلب، ثم عاود فعاودوا الضرب والعذاب. ولما رأى النبي ص أن أبا ذر معرض للقتل، لأن طبعه يأبى السكوت عن الباطل أمره أن يلتحق بأهله حتى إذا كثر المسلمون أتاه.
ولما توفي النبي ص، ورأى أبو ذر الأموال في عهد الخليفة الثالث يبذرها الأقربون هنا وهناك، والناس يقتلهم الجوع والبؤس ثارت ثورته وجن جنونه وصاح في وجه السلطان وفي كل مكان: جمعتم الأموال من الناس فيجب أن