وفقيه عرف واشتهر، ولكن لم يعرف رأيه في مسألة خاصة مدعي الإجماع ومن ادعى أو يدعي أنه استقصى أقوال جميع فقهاء عصره أو عصر من تقدم عليه، وأنه اطلع على أقوالهم واحدا فواحدا، من ادعى ذلك فإنه لا يستند في دعواه إلا على الحدس والتخمين، رأي قول بعض العلماء فظن أنه قول الجميع قياسا للغائب على الشاهد، والمجهول على المعلوم، وقد رأيت كثيرا من الفقهاء يسألهم السائل عن حكم قضية هي من صميم الحياة تتصل بالدماء والأموال والأعراض، فيرجعون إلى كتاب من كتب فروع الفقه التي ذكرت الفرع من غير أصله " ولم يسنده المؤلف إلى دليله، ثم يحكم بقول صاحب الكتاب، كأنه كتاب الله المنزل، أو سنة نبيه المرسل، وإذا سألته عن الدليل اكتفى بدعوى الإجماع، والذي يظهر للمتتبع أن هذه الطريقة مألوفة عند المتقدمين أيضا، فقد طعن العلماء على إجماعات ابن إدريس، وابن زهرة، والشيخ الطوسي، وغيرهم، وقد جمع الشهيد الثاني أربعين مسألة " ادعى فيها الشيخ الإجماع، وهي مورد الخلاف، بل الشيخ نفسه خالف في أكثرها في موارد أخرى وقال العلامة المجلسي في كتاب الصلاة من كتاب البحار " إن الفقهاء لما رجعوا إلى الفروع نسوا ما أسسوه في الأصول فادعوا الإجماع في أثر المسائل، سواء أظهر فيها الخلاف أم لا، وافق الروايات المنقولة أم لا، حتى أن السيد وأضرابه كثيرا ما يدعون الإجماع فيما يتفردون به " وقال الميرزا حسين النائيني في تقريرات الخراساني " إذا كان الحاكي للاجماع من المتقدمين على العلامة والمحقق والشهيد فلا عبرة بحكايته " والخلاصة أن الإجماع المنقول بلسان أحد العلماء لا يكون دليلا لحكم شرعي، وإن كان الناقل شيخ الأولين والآخرين، لأن دين الله لا يصاب بحدس فقيه وبما يختلج في خياله.
دليل الإجماع الجهة الثانية: وهي دليل الإجماع استدل السنة على أن الإجماع أصل من أصول الشريعة بحديث من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية، وبحديث