فأمن الناس على دعائه، فكثرت الخيرات بالمدينة، وظهرت البركات.
ومن محاسن فاس أنها كثيرة الأشجار، يشقها نهر نصفين، وتتشعب منه جداول تجري في الدور والحمامات والشوارع والأسواق، وفي أكثر بيوتها تتفجر العيون، وتنبع الينابيع بداخلها، واتخذت فاس عاصمة الملك، وكان ابتداء بنائها سنة 193.
الغزو:
لما فرغ إدريس من بناء مدينة فاس، واتخذها دار ملكه اتجه إلى الغزو، فذهب إلى بلاد المصامدة واستولى عليها، وأبدى إدريس من البسالة والمهارة ما حير الألباب، قال بعض من شهد معه الغزوات، حاربنا الخوارج الصفرية من البربر، وكانوا ثلاثة أضعافنا، فلما تقارب الجمعان نزل إدريس، فتوضأ، وصلى ركعتين، ودعا الله، ثم تقدم للقتال. فأعجبني ما رأيت من ثباته، وقوة جأشه، فالتفت نحوي، وقال: مالي أراك تديم النظر إلي؟ قال: أعجبني ما أراه من قلبك، وطلاقة وجهك عند اللقاء. قال إدريس: ذاك ببركة جدنا رسول الله، ووراثة من أبينا علي بن أبي طالب.
ومات إدريس الثاني سنة 213 وعمره نحو 36 سنة، وترك 12 ذكرا، وهم:
محمد، وعبد الله، وعيسى، وإدريس، وأحمد، وجعفر، ويحيى، والقاسم، وعمر، وعلي، وداود، وحمزة (1).
محمد بن إدريس:
واعتلى كرسي الخلافة بعد إدريس الثاني ابنه محمد، وقسم بلاد المغرب بين