ابن أبي طالب، وذلك في صفر سنة 194 " قال ابن خلدون: " واسم إدريس مخطوط في صفحة المنبر لهذا العهد ".
وبلغت أخبار إدريس هارون الرشيد ببغداد، فخاف عاقبة ذلك، وأيقن أنه إذا لم يتدارك أمره الآن عجز عنه في المستقبل، وغزاه في عقر داره مع ما يعلم من فضل إدريس، ومحبة الناس لأهل البيت عموما (1) فدس إليه رجلا يعرف باسم الشماخ، وزوده بالمال والسم، وأوصاه أن يتظاهر بالتشيع للعلويين، ويتقرب إلى إدريس بشتى الطرق، ثم يغتاله بالسم، ورحل الشماخ إلى إدريس مظهرا الهرب إليه فيمن هرب من جور الرشيد، فعطف عليه إدريس ورحمه وكان الشماخ ممتلئا من الأدب والظرف والبلاغة، فأنس به إدريس واطمأن إليه.
وشكا إدريس ذات يوم من علة في أسنانه، فأعطاه الشماخ دواء مسموما، ثم اختفى، فسقطت أسنان إدريس، ومات سنة 177 رحمة الله عليه، وقيل سنة 175.
وكان فاضلا في ذاته مالكا لشهواته، مؤثرا العدل، مقبلا على أعمال البر (2).
إدريس الثاني:
مات إدريس، ولم يترك ولدا إلا حملا من جارية بربرية، اسمها كنزة، وكان له مولى يدعى راشدا، وكان كاسمه عاقلا أمينا، وشجاعا كريما، فجمع راشد رؤساء البربر، ووجوه الناس، وقال لهم: إن رأيتم أن تصبروا، حتى تضع هذه الجارية حملها، فإن كان ذكرا أحسنا تربيته، حتى يبلغ مبلغ الرجال، وبايعناه تمسكا بدعوة آل البيت، وتبركا بذرية الرسول، وإن كان أنثى نظرتم لأنفسكم.