الخفي أن الأول يعلم منه المعنى بالضرورة، وبدون حاجة إلى الاستدلال والمقدمات، كما لو قلت: هذا أخي. فإنه يدل على الإخوة ابتداء وبلا واسطة، والثاني يحتاج إلى الاستدلال وترتيب مقدمات، كما لو قلت: أنا وأنت كالحسنين. والحسنان أخوان فنحن أخوان.
وقال القاضي معترضا على وجود النص: لو كان النص من النبي على علي موجودا حقا لعلم به جميع المسلمين بالضرورة تماما كما علموا بنبوة محمد (ص) التي لم يختص العلم بها بفريق دون فريق من المسلمين، ولا يمكن بحال أن يخفى هذا النص، ولا يظهر للناس كالشمس، لأنه تماما كالنص على وجوب الصلاة إلى الكعبة، وصوم شهر رمضان، وما إليه من النصوص التي وجدت وعلمت بالضرورة، ولم يقع فيها شك ولا ريب، وبكلمة إن عدم علم الجميع بالنص دليل على عدمه.
وتتجلى عظمة الشريف في الجواب عن هذه الشبهة التي تشدق بها الأولون، وورث الاجترار بها المتأخرون ويتلخص جوابه رضوان الله عليه بما يلي:
1 - لا نسلم أن وجود النص على الإمام يستدعي علم المسلمين جميعا بالضرورة، فلقد نص النبي على أشياء كثيرة خفيت علينا أحكامها، وكان (ص) يتوضأ في كل يوم بمرأى من المسلمين، حتى كرر الوضوء أمامهم ألوف المرات، ومع ذلك اختلف السنة والشيعة في كيفية الوضوء، ووجوب غسل الرجلين ومسحهما، فقال الأولون بالأول، والآخرون بالثاني. ولو كان خفاء النص محالا لما وقع الخلاف. وإذا جاز أن يكون النص موجودا على الغسل ومتواترا مع خلاف الشيعة جاز أن يكون النص على الإمام موجودا ومتواترا مع خلاف السنة. وكل ما يقال في حق الشيعة من المكابرة، أو دخول الشبهة عليهم يقال ذلك في حق السنة بالنسبة إلى وجود النص على الإمام والفرق اعتباط وتحكم.
2 - إن أبا حنيفة لم يثبت عنده إلى 17 حديثا، وإن فرقة من الخوارج أبطلت كل حديث يخالف مذهبها، ولم تسلم بأي حديث إلا عن الوجه الذي تذهب إليه. فهل يدل هذا على أن النبي لم يحدث إلا 17 حديثا، أو أنه لم يحدث إلا بما يتفق مع مذهب هؤلاء الخوارج؟
3 - إنه لا غرض لأحد في إخفاء، أو تكذيب النص على الكعبة، وإيجاب