الصوم، وما إليه لا في عهد الخلفاء الأولين، ولا في عهد الأمويين والعباسيين، لأن هذا النص لا يتصل بالسياسة والمسوس من قريب أو بعيد.
أما النص على علي بالخلافة فإنه إبطال صريح لرياسة من تقدم وتأخر، والحكم بظلمه وعدوانه، لذا كان راويه معرضا للتكذيب والتعذيب، كما حدث بالفعل لأبي ذر وعمار وميثم التمار وحجر بن عدي، وعمر بن الحمق وغيرهم. إذن قياس النص على الإمام بالنص على الكعبة ونحوه قياس مع وجود الفارق، لأن دواعي الظهور متوافرة في الثاني، دون الأول، بل قد توافرت، فيه دواعي الخفاء بكاملها، كحسد الإمام على عظمته ومنزلته من الله والرسول، والحقد عليه لما فعل، ولمن قتل على الشرك من أقارب المنكرين وأرحامهم يوم بدر وأحد والأحزاب وحنين.
ولاية علي:
قال القاضي: إن النصوص التي استدل بها الشيعة كلها خفية لا تدل صراحة على خلافة علي وإمامته، بل تحتمل التأويل والتفسير بخلف قصدهم. من ذلك قوله تعالى: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون "، حيث نزلت بعلي حين تصدق بخاتمه، وهو راكع.
ومن السنة قول النبي يوم الغدير " من كنت مولاه فعلي مولاه "، فمن الجائز أن يريد بالولي في الآية والحديث الحب والمودة دون الحكم والسلطان.
وقد ردد هذا القول شيوخ من بعد عبد الجبار تقليدا وتعصبا لأسلافهم، واتخذوا من أقوالهم حجة ودليلا.
وقال الشريف: إن عدم ثبوت النص الجلي عند القاضي عبد الجبار وأمثاله من خصوم الشيعة لا يستدعي عدم صدوره عن النبي (ص)، ولا عدم ثبوته عند العماء المنصفين، إذ المعول في ثبوت النص على نقل الثقات الذين تثبت السنة النبوية بنقلهم، وقد نقل لنا وللأجيال من لا يشك بصدقه النصوص الجلية الواضحة، كحديث أيكم يبايعني يكن أخي ووصي وخليفتي عليكم، وقول علي أنا يا رسول الله، وجواب النبي له أنت أخي ووصي وخليفتي.
وذلك حين نزل قوله سبحانه وتعالى " وأنذر عشيرتك الأقربين ".