وما في صحيح مسلم بن حجاج عن ابن جريح، قال عطاء: قدم جابر بن عبد الله معتمرا، فجئنا منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكر المتعة، فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر وعمر (1). كلها صريحة في بقائها إلى زمانه، فالمنافاة ظاهرة.
وأيضا فما فائدة هذا التزويج المؤجل بعد نسخه إلى زمن الثاني حتى يستوجب فاعله الرجم بالحجارة أو المعاقبة؟ وهل فرق بعد نسخه بينه وبين الزنا؟ فلولا أن غرضهم إباحة الفروج به والتسنن بسنة النبي (صلى الله عليه وآله) لما فعلوه إلى وقت نهيه، وخاصة كبار الصحابة الموثقين كعبد الله بن عباس ومن في طبقته، حيث قالوا: إنها لم تنسخ وكانوا يقرؤون: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، على ما في الكشاف.
وفي تفسير الثعلبي عن أبي نصر قال: سألت ابن عباس عن المتعة، فقال: أما قرأت سورة النساء؟ فقلت: بلى، فقال: أما تقرأ: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى؟ قلت: لا أقرأ هكذا، قال ابن عباس: والله هكذا أنزله الله عز وجل ثلاث مرات (2). وأما رجوعه عن القول بالمتعة وتوبته عند موته بقوله: اللهم إني أتوب إليك من قولي بالمتعة وقولي بالصرف على ما نسب إليه الزمخشري (3) والبيضاوي (4) فمع كونه بعيدا عنه غاية البعد غير ثابت ولا دافع للمنافاة كما لا يخفى، وكيف يصح منه الرجوع والتوبة عنه عند موته مع عدم ظهور دليل خلافه في حياته؟ وظهور دليله عند الموت وكونه مخفيا عليه وعلى غيره حتى يمنعوه عنه إلى حين موته بعيد، بل ممتنع عادة. على أن إسناد الثاني التحريم إلى نفسه في الرواية المشهورة عنه مناف أيضا لما في الرواية الأولى من إسناده إليه تعالى، وهو ظاهر. وبالجملة فبين تلك الروايات الواردة في طريقهم من التدافع