الطير وأوتينا من كل شئ) (١)، وهارون عليه السلام في قوله تعالى: ﴿وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح﴾ (٢)، ورسول الله صلى الله عليه وآله في قوله تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (3)، فكان للناس، وعلم من دينه صلوات الله عليه وآله كونه خليفة على أهل الأرض ورئيسا لجميعهم.
أو ظاهر التصرف في البلاد وأهلها بالقهر والاضطرار.
فإن كان أراد الأول فلا مزية لبعض المستخلفين في الديار على بعض، وليس من الخلافة المطلوبة في شئ.
وإن أراد على الوجه الثاني فهو خطاب لغيرهم، لعدم النص أو ما يستند إليه من المعجز على استخلافهم، كاستخلاف من ذكرناه من الأنبياء عليهم السلام.
ولا يعترض هذا قولهم: أن ثبوت خلافتهم من اختيار مأذون لهم فيه يقتضي إضافتها إليه تعالى من وجوه:
أحدها: أنه مبني على أن الله تعالى قد نص على الاختيار، وقد بينا فساد ذلك.
ومنها: أن من أذن لغيره أن يختار وكيلا لنفسه أوصيا من بعده فاختار، فإن الوكيل وكيل له والوصي كذلك، دون من أذن له، ولا يقول أحد: هذا وصي فلان، وهذا وكيله، وإن كانت الوكالة والوصية بإذنه.
ومنها: أن ظاهر الآية يقيد وقوع الاستخلاف للمذكورين فيها به تعالى، كاستخلاف من قبلهم، وقد علمنا أن أم لله تعالى لم يستخلف أحدا منهم باختيار الأمة، وإنما دل على ذلك بمعجز أو نص يستند إلى معجز، فيجب كون المستخلفين بها كذلك.
وهذا يختص الآية بأئمتنا عليهم السلام، لثبوت النص من الكتاب والسنة والمعجز على خلافتهم.