ولافتقار صحتهما لو ثبت إيمان فاعلهما إلى إلقائهما للوجوه الشرعية على جهة الاخلاص، فليثبتوا ذلك.
ومما يوضح نفي القتال والإنفاق عنهم، أو وقوعهما - لو كانا ثابتين - لغير وجههما، أنهما لو كانا كذلك لوجب النص عليهما به وارتفاع اللبس فيه، كجهاد علي وحمزة وجعفر عليهم السلام وأمثالهم المعلوم ضرورة ثبوت النص بوقوعه موقع المستحق، وتعظيم الرسول صلى الله عليه وآله لأجله، وشهادته لهم به، ونزول القرآن بإيثار علي عليه السلام على نفسه وأهله المسكين واليتيم والأسير، وتصدقه في حال الركوع وليلا ونهارا وسرا وعلانية، وتقديمه على المناجاة دون سائر الأمة، وحصول الإجماع بذلك والنص على وقوعه موقع القربة والقطع بثوابه.
ولما فقدنا ذلك، واختص الدعوى له بالإرجاف - مع وجوب عموم العلم به لو كان ثابتا، لعلو كلمة من يضاف إليه، وكثرة الأتباع، وقوة الدواعي للاحتجاج به، وانتفاء جميع الصوارف عن الناقل وعظيم النفع له بنقله - علمنا انتفاءه، أو وقوعه على وجه لا يستحق به ثوابا، وإلحاقه بإنفاق من نص الله تعالى على حال إنفاقه بقوله تعالى:
﴿وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون﴾ (١)، وقوله سبحانه ﴿قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين﴾ (2)، فنص تعالى على قبح إنفاق هؤلاء المذكورين، مع مظاهرتهم بالاسلام، لوقوعه لغير الوجه المعتبر في القبول واستحقاق الثواب، وبهذا يسقط التعلق بإنفاق عثمان ومن يدعى له بإنفاق ممن لم يعلم وقوعهما على الوجه المخصوص.
وإذا لم يكن توجه الخطاب في الآية إلى من ذكروه قطعا، بل المقطوع به خروجهم منها بما أوضحناه، وجب توجهها إلى من ثبت إيمانه وجهاده وإنفاقه بما أوضحناه،