نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله) (١)، يعني سبحانه: ما أمر به من تحريم الخروج إلى خيبر (٢) على المخلفين عن الحديبية، فقال رادا عليهم: ﴿قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا﴾ (٣)، ثم قال سبحانه:
عقيب هذه الآية: ﴿قل للمخلفين من الأعراب ستدعون﴾ (٤) الآية، يريد سبحانه:
هؤلاء المخلفين عن الحديبية، وذلك دال على أن الداعي لهم هو النبي صلى الله عليه وآله، لقوله: ﴿فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي أبدا عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة﴾ (٥).
وتضمن هذه الآية للخبر عن نفي الخروج معه وقتال الأعداء أبدا باطل من وجهين:
أحدهما: أن الآية المتعلق بها في إمامة القوم نزلت في سنة ست بعد خيبر في المخلفين عن الحديبية باتفاق العلماء بالتفسير وما يقتضيه ظاهرها على ما بيناه، وهذه الآية نزلت في سنة تسع في المخلفين عن تبوك، وإذا كان المراد من المخلفين بآية الفتح غير المخلفين بآية براءة على تبوك سقط التعلق.
وأيضا مخلفي آية الفتح معرضون بالدعوة للثواب بقوله تعالى: ﴿فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا﴾ (6)، ومخلفي آية براءة مقطوع على كفرهم وعذابهم وموتهم عليه ومصيرهم إليه في سياق الآية، برهان ذلك قوله سبحانه: (إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها