جهة التفصيل بمن (1) علمناه متدينا بإمامتهم من الصحابة وغيرهم إلى الآن، ومن لم يعلم ذلك من حال ففرضنا فيه الوقف والتجويز لكل واحد من الكفر والفسق.
إن قيل: كيف يمكنكم ذلك مع ظاهر إيمانهم، وتدينهم بالاسلام، واجتهادهم فيه، وتقريب النبي صلى الله عليه وآله لهم، وتعظيمه إياهم، ومنعكم من وقوع الكفر بعد الإيمان على مذاهبكم في الموافاة.
قيل: المظاهرة بالإيمان والاجتهاد في أفعاله وبذل الأنفس والأموال في نصرته لا يدل على مطابقة الباطن له ولا على كونه صادرا عن علم قصد به وجهه، إذ كانت هذه الأمور لا يعلمها إلا علام الغيوب، وإنما يعلم منها ما نص عليه سبحانه.
فإذا فقدنا النص فيهم بذلك ووضح البرهان بكفرهم وموتهم عليه، علمنا أن الاعتقاد الماضي منهم كان جهلا، وإن أظهروا إيمانا أو تقليدا أو علما لغير وجهه لا يستحق بهما المعتقد ثوابا، لوقوف استحقاقه على العلم المقصود به ووجهه الذي له وجب، ووجوب القطع على كفر من كان كذلك حسب ما اقتضاه البرهان.
فأما تعظيم النبي صلى الله عليه وآله، فغير مسلم، لفقد دليله وتعذر إثباته، إذ كان التقريب والإيناس والمظاهرة لا يدل على تعظيم لصاحبه (2)، لحصول ذلك أجمع مع من تجب البراءة منه لكفره.
على أن المتقرر من شرعه عليه السلام تعظيم مظهر الإسلام والمطيع فيه، مشترطا بكون ما أوجبه واقعا لوجهه باتفاق العلماء. فلو (3) سلم تعظيمه عليه السلام للقوم لكان جاريا فيه على الوجه الذي شرعه من الاشتراط.
فإذا وضح برهان كفرهم في حياته عليه السلام بما بيناه، لم ينفعهم تعظيمه عليه