سلمي، وأنه لم يرد نفس حربه، لتغايرهما، فلم يبق إلا أنه أراد أن حكم حربك ومحاربك حكم حربي ومحاربي، وحرب النبي صلى الله عليه وآله كفر، ومحاربه كافر، فيجب الحكم على حربه ومحاربه بذلك.
وأما من خالفنا من أهل العدل، في اعتقادهم أن الواقع منهم كبيرة يخرج عن سمة الإسلام إلى الفسق، وإذا لم يكونوا مسلمين صح تعلق الخطاب بهم.
على أن الإسلام في اللغة هو الاستسلام، ولم يكونوا كذلك، إذ يقول سبحانه:
﴿أو يسلمون﴾ (١) يريد يستسلمون، على أصل الوضع، وبهذا الوجه يسقط خلاف المجبر، وإن كان ساقطا بما تقدم من الأصول الصحيحة المنافية لمذاهبهم الفاسدة.
على أنا لو سلمنا أن الداعي في الآية من ذكروه، لم يقتض ذلك إمامتهم، لأن الأمر بقتال الروم وفارس متقدم من رسول الله صلى الله عليه وآله، فالمجيب لهذه الدعوة طائع لله ورسوله صلى الله عليه وآله فلذلك استحق الثواب، والمتولي عاص لهما فلذلك استحق العقاب، وقتال المرتد عن الملة المجاهر بالحرب واجب على كل مسلم إماما كان الداعي لهم أم مأموما باتفاق، فصارت إجابة هذا الداعي واجبة لكونها إلى واجب، والتولي عنها قبيح لكونه إخلال بواجب، لأن طاعة الداعي مفترضة على كل حال، بل لكونها لحق لازم بغير دعوة من دعى إليه.
ومنه: قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين﴾ (2) الآية.
قالوا: ولا أحد قابل المرتدين غير أبي بكر، فيجب توجه الخطاب إليه، وذلك ينافي ما تقوله الشيعة فيه.
والجواب: أن المأتي بهم لقتال المرتدين موصوفون في الآية بصفات تجب على من ادعي لشخص أو أشخاص أن تدل على تكاملها له أو لهم.