صح الرأي والدين وقوة القلب في الحرب من تولي الأمر، فلم يبق إلا ضعفه في الرأي والدين، ومن كان كذلك لا يجوز لمن عرفه أن يجعله عيارا على الأمة كافة، ويأتمنه على أمرها، ويوجب الانقياد له، وإن أبي ذلك آب قيل:.... (1) بصواب الرأي وعصمة الدين.
ومنها: إخراجه العباس رضي الله عنه، مع عظم قدره في الإسلام، وحسن رأيه فيه في جميع الأحوال، وتخصيصه بقربى النبي صلى الله عليه وآله، وتعظيم النبي صلى الله عليه وآله له، وتكامل ما يعتبرونه من الشروط في الإمامة له، وتقديم النبي صلى الله عليه وآله له على جميع أصحاب الشورى، عدا علي عليه السلام.
وأي أمر يصلح له طلحة مع حمقه وكبره، والزبير مع بخله، وعبد الرحمن مع ضعفه، وعثمان مع سوء رأيه، وسعد مع فكاهته، لا يصلح له العباس؟!
واعتذاره ابنه مع زهده وعلمه، وإنكاره على المشير عليه به، واعتذاره بجهله بحكم الطلاق، إذ ذاك يقدح في إمامته (2)، لحصول العلم بجهله بكثير من الأحكام الراجع فيها إلى علي تارة وإلى معاذ أخرى وإلى غيرها من الصحابة.
والذي يزعم أن طلحة أو الزبير أو واحدا من الخمسة الذين يخيرهم أفقه من عبد الله، ومعظم ما يرويه الفقهاء عنه، ولا رواية بشئ من الفقه عن بعض القوم، وإن روي فيسير من كثير مما روي عن عبد الله، بل لم يرو عنه نفسه بعض ما روى عن ابنه، فإن كان لا يصلح للإمامة لجهله فأبوه بذلك أولى، لكونه أعلم منه، بدليل تضاعف المحفوظ عنه من الأحكام ما روي عن أبيه، وقوله معتذرا لإخراجه من الأمر.... واحد منهم بالخلائق، إشعار منه.... (3) إذ لو كانت الخلافة دينا، والسيرة عادلة، لكان الواجب المثابرة عليها، وحث الحميم على المشاركة فيها وإن شق ذلك، إذ كان الحازم في الدين لا يتملص من الحق، ولا يرغب بنفسه ولا خاصته عما به يتم الثواب إن شق بحمله