فرق بين قول الملك الحكيم لمن يريد استيزاره: أنت وزيري، أو: أنت مني بمنزلة فلان من فلان المعلوم كونه وزيرا له.
ومنها: أن من جملة منازل هارون كونه مفترض الطاعة على كافة بني إسرائيل، فيجب كون علي عليه السلام كذلك، وذلك يوجب إمامته، إذ لا فرق بين أن يقول عليه السلام: أنت الخليفة من بعدي أو إمام أمتي أو المفترض الطاعة عليهم، أو أنت مني بمنزلة هارون من موسى، مع علم السامع والناظر بكون هارون مفترض الطاعة على كافة بني إسرائيل.
ومنها: أن من جملة منازل هارون كونه مستحقا لمقام موسى عليه السلام باتفاق، فيجب أن يكون علي عليه السلام كذلك، إذ لا فرق بين أن يقول عليه السلام: أنت مستحق لمقامي، أو أنت مني بمنزلة هارون المعلوم استحقاقه لمقام موسى عليه السلام.
وليس لأحد أن يقدح فيما ذكرناه: بأن الاستحقان وفرض الطاعة والاستخلاف كان لهارون بالنبوة، وقد استثناها النبي ملى الله عليه وآله وسلم، فيجب أن يلحق بها في النفي ما هو موجب عنها.
لأنا نعلم (عدم) وقوف الاستخلاف وفرض الطاعة على النبوة، لصحة استحقاق ذلك من دونها، والمعلوم ثبوت الاستحقاق والاستخلاف وفرض الطاعة لهارون عليه السلام، ولا سبيل إلى العلم بوجهه.
على أنه لو سلم لهم ذلك لم يضرنا، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم جمع في الاستحقاق، فيجب الحكم بمشاركتهما فيه، وإن اختلفت (1) جهتاه، إذ كان اختلاف جهات الاستحقاق لا يمنع من المشاركة فيه بغير إشكال.
وإنما كان يكون في كلامهم شبهة لو كان فرض الطاعة والخلافة لا يثبتان إلا لنبي، ليكون استثناء النبوة استثناء لهما، والمعلوم خلاف ذلك، فليس