بكم، وقوله سبحانه: ﴿ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون﴾ (1)، يريد: أولى بالميراث بغير خلاف بين علماء التأويل، ولأنه لا تحتمل لفظة مولى في الآيتين إلا الأولى.
على أن اشتقاق أقسام مولى يرجع إلى الأولى على ما بينته، وذلك يوجب حملها عليه، لكونها حقيقة في الأولى دون سائر الأقسام.
وأما كونها مقصودة في الخبر دون سائر الأقسام، فمن وجهين:
أحدهما: أنها الأصل لسائر أقسام مولى، فيجب حمل مطلقها عليها، كخطاب سائر الحكماء.
الثاني: اتفاق العلماء بالخطاب على أن تقديم البيان على المجمل، وطريق (2) المخاطبين على المراد به أبلغ في الإفهام من تأخيره.
يوضح ذلك: أن مواضعة المكلف سبحانه على معنى صلاة وزكاة قبل الخطاب بهما أبلغ قي البيان من تأخير ذلك عليه، وأن قول القائل لمن يريد إفهامه: ألست عارفا بأخي زيد الفقيه، وداري الظاهرة بمحلة كذا؟ فإذا قال:
بلى، قال: فإن أخي ارتد وداري احترقت، أبلغ في الإبانة عن مراده من تأخير هذا البيان عن قوله: ارتد أخي، واحترقت داري، لوقوع العلم بمقصوده مع الخطاب الأول في الحال، وتراخيه مع الثاني، ولاختلاف العلماء فيما يتأخر بيانه، وهل هو بيان له أم لا؟ واتفاقهم على كون ما تقدم بيانه مفيدا للعلم بالمراد حين يسمع المجمل.
وإذا تقرر هذا، وكنا وخصومنا وكل عارف بأحكام الخطاب متفقين على أنه صلوات الله عليه وآله لو قال بعد قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه أردت بمولى أولى، لم يحسن الشك في إرادته بلفظة مولى أولى، ولم يستحق المخالف فيه