ثم إن هاهنا اشكالات نقضية يرد بعضها على القول بمنافاة اعتبار الاخلاص لأخذ الأجرة عليه ذاتا " وبعضها على القول بمنع الأجرة في الواجبات مطلقا " بل وعلى القول بقصر المنع على العيني منها.
فمن القسم الأول النقض بالعبادات المأتى بها للأغراض الدنيوية كسعة الرزق وحصول الولد وغير ذلك سيما بالنسبة إلى العبادات الموظفة لذلك، وما كان مشروعا لأجلها كصلاة الحاجة وغيرها، فإن العلة الغائية لايجادها هي تلك الأغراض الدنيوية المترتبة عليها دون محض الاخلاص المعتبر فيها مع حكمهم بصحتها كذلك.
والجواب بالفرق بين نيل المقصود من الله بواسطة الإطاعة له بفعله لأنه الموظف له عليه وبين نيله بدون واسطة الإطاعة بالفعل بل لنفس كونه فاعلا له بحذف الواسطة، فالمصحح هو امتثال الأمر بالموصل دون الفعل للتوصل به.
وبذلك يجمع بين ما ذهب إليه غير واحد من الأصحاب من بطلان العبادة المقصود بها نيل الثواب والنجاة من العقاب، بل نسب ذلك العلامة (في المهناويات) إلى أنفاق العدلية وعن الشهيد في (القواعد) إلى قطع الأصحاب، وهو المحكى عن السيد رضى الدين ابن طاووس وبين ما هو المشهور بل المقطوع به من صحتها مع رجاء المثوبة أو النجاة من العقوبة، مع تضافر النصوص عليه من الكتاب والسنة الواردة في الوعد والوعيد والترغيب والترهيب والتعزيز والتحذير وليس إلا لما ذكرناه من الفرق وإن الذي يقتضي فساد العبادة بقصده هو ما إذا كان الداعي للفعل والمحرك له عليه ليس إلا النتيجة المجعولة للفعل: من الثواب والعقاب على وجه لولاها لما وقعت منه العبادة، كالأجير الذي يفعل الفعل لمحض الأجرة بحيث لو أريد الفعل منه مجانا لم يفعله. واتيان العبادة بهذا الوجه لا يستبعد فساده دون ما كان الداعي