ومنها - أي ومن الأمور التي ينبغي التنبيه عليها - إنه هل تجرى المعاطاة في غير البيع مطلقا " عقدا " كان أو ايقاعا "، والعقد بأقسامه مجانيا " كان أو معاوضيا " فيعم العقود التمليكية بقسميها والعقود الإذنية، وبعبارة أخرى: هل تجري المعاطاة في العقود بأنواعها وفي الايقاعات بأقسامها أو تختص بصنف خاص من نوع المعاوضات وهو البيع أو تجري في بعض منها دون بعض؟
فنقول ولنبدأ أولا " بذكر جملة من كلمات الأصحاب في هذا الباب توطئة لبيان ما هو الحق والصواب.
قال في (جامع المقاصد): " إن في كلام بعضهم ما يقتضي اعتبار المعاطاة في الإجارة والهبة وذلك أنه إذا أمره بعمل على عوض معين عمله واستحق الأجرة ولو كانت هذه إجارة فاسدة لم يجز له العمل ولم يستحق أجرة مع علمه بالفساد، وظاهرهم الجواز بذلك، وكذا لو وهب بغير عقد فإن ظاهرهم جواز الاتلاف، ولو كانت هبة فاسدة لم يجز بل منع من مطلق التصرف وهو ملحظ وجيه " انتهى.
قلت: عدم جواز العمل حينئذ إنما هو فيما يستلزم التصرف في مال الغير وإلا فلا دليل على منعه مطلقا، وإن لم يستلزم ذلك. ثم الاستشهاد به على جريان المعاطاة فيه مبنى على إرادة لزوم المسمى دون أجرة المثل.
وقال في (كتاب الرهن) " قال: في (التذكرة) الخلاف في الاكتفاء فيه بالمعاطاة والاستيجاب والايجاب عليه المذكور بالبيع بجملته آت هنا، ويشكل بأن باب البيع ثبت فيه المعاطاة بالاجماع بخلاف ما هنا أما الاستيجاب والايجاب فنعم " انتهى.
وقال في (كتاب الهبة): " ولا يكفي المعاطاة والأفعال الدالة على الايجاب، نعم يباح التصرف، أي لا يكفي في حصول الملك المعاطاة أعني إعطاء الواهب وأخذ المتهب أو إعطاء أحدهما الهبة والآخر الثواب، وكذا