العوض على الواجب ذاتا لأنه يعتبر في المعوض أن يكون مملوكا لمن له العوض بمعنى أن لا يكون مستحقا عليه ليتمكن من تمليكه لباذل العوض بإزاء ما بذله والواجب لكونه واجبا عليه غير مملوك له بل هو مستحق لله ومملوك له وتمليك المملوك ثانيا غير معقول ولذا لا يجوز أخذ الأجرة على عمل مخصوص استؤجر عليه قبله وليس إلا لكونه مملوكا لغيره فلا يملك ثانيا وبعبارة أخرى العمل الواجب لكونه واجبا لا احترام له حتى يستحق بذل المال بإزائه، وهو في العيني واضح وفي الكفائي وإن كان المكلف كليا إلا أنه منطبق على من قام بالفعل فيكون القائم به قائما بما وجب عليه ولو كفاية والفعل فيه بعد ايجاده هو الواجب المستحق لله تعالى بذلك الوجوب المتعلق بكلي المكلفين.
وفيه أنه إن تم فهو إنما يتم في غير الكفائي من الواجبات، وأما هو فلا، لأن الفعل إنما يكون مستحقا لله ومملوكا له بعد اتصافه بالوجود، ولذا لا يجوز الزامه بخصوصه عليه وهو قبله متعلق للإجارة، فالإجارة متعلقة به قبل صيرورته مستحقا لله، فهو حينئذ من هذه الحيثية عمل محترم جاز بذل المال بإزائه، وهذا بخلاف الواجب العيني فإن الفعل فيه مستحق لله عليه بخصوصه قبل ايجاده ولذا جاز الزامه به قبله من باب الأمر بالمعروف لا يقال: إن الإجارة إنما تتعلق بما كان متمولا وفيه منفعة للمستأجر ولا يكون الفعل كذلك إلا بعد اتصافه بالوجود وحينئذ فمتعلق الإجارة هو ما تشخص كونه لله تعالى.
لأنا نقول إن متعلق الإجارة هو الفعل حين عدمه لكن باعتبار قابليته للوجود القائمة هذه القابلية بذات الماهية قبل طرو عارض الوجود عليها، فالماهية باعتبار تلك القابلية الذاتية متمولة ذات منفعة يصح بذل المال بأزائها، وكم من فرق واضح بين الماهية باعتبار وجودها وبين الماهية بعد اتصافها بالوجود، فمتعلق الإجارة هو الأول وما هو مستحق لله هو الثاني.