وحيث انجر الكلام إلى هذا المقام، فلا بأس بالإشارة إلى ما يرفع به الاشكال.
قال العلامة في (القواعد): " وهل يتناول العقد اللبن أو الحمل ووضع الثدي في فيه ويتبعه اللبن كالصبغ في الصباغة وماء البئر في الدار؟
الأقرب الأول لاستحقاق الأجر به بانفراده دون الباقي بانفرادها والرخصة سوغت تناول الأعيان " انتهى.
وقال في (المسالك): " واعلم أن حكم الاستيجار للارضاع ثابت على خلاف الأصل لأن متعلق الإجارة الأعيان ليستوفي منها المنافع والركن الأعظم في الرضاع اللبن، وهو عين تالفة بالارضاع فتكون المعاوضة عليه بالإجارة خارجة عن موضوعها، ومثلها الاستيجار للصبغ والبئر للاستقاء ومن ثم ذهب بعضهم إلى أن المنفعة المستحقة هنا التي هي متعلق الإجارة المرضعة من حيث حملها للولد ووضعه في حجرها ووضع الثدي في فيه ونحو ذلك من الأعمال الصادرة عنها لا نفس اللبن. ويضعف بأن المقصود بالذات هو اللبن وهذه الأمور تابعة أو مقدمة والأجود أن المقصود مجموع ما ذكر من المنافع مع عين اللبن وجوازه حينئذ مع أن بعض متعلقها عين ذاهبة للنص وهو قوله تعالى: " فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " وفعل النبي صلى الله عليه وآله ومن بعده من الأئمة (ع): ويمكن أن يقال: على تقدير كون المراد المجموع أن اللبن يكون تابعا لكثرة قيمة غيره من المنافع وقلة قيمته وإن كان اللبن مقصودا من وجه آخر، ويثبت للتابع من الحكم المخالف مالا يثبت للمتبوع ومثله القول في الصبغ " انتهى.
قلت: كون اللبن هو الركن الأعظم لا ينافي جعل الأجرة بإزاء نفس العمل المقصود به التوصل إلى غيره فإن العمل المستأجر عليه مرة يكون بنفسه مقصودا، وأخرى من جهة ما يترتب عليه من الثمرات والفوائد