لا يقال: أن الإجارة وإن تعلقت بها قبل الوجود إلا أنها مسبوقة بتعلق الوجوب الكفائي بها فيلزم الاشكال من حيث تعلق الإجارة بما هو متعلق للوجوب.
لأنا نقول: متعلق الوجوب كلي المكلفين ومتعلق الإجارة خصوص واحد منهم، والخصوصية هي المصححة لتعلق الإجارة بها.
هذا وربما يقال بل قيل بجريان ما ذكره في الواجب المخير بالتخيير العقلي فضلا عن التخيير الشرعي إذا كان بعض أفراده مشتملا على مزية لم توجد في غيره أو مشقة مفقودة فيما سواه كالدفن في الأرض الصلبة المشتملة على زيادة مشقة في حفرها مفقودة في الرخوة فإنه لا مانع من أخذ العوض على حفرها بخصوصه إذ الواجب مطلق الدفن لا فيها بالخصوص، وليس كذلك ما لو تساوت أفراده من جميع الجهات في متعلق أغراض العقلاء بها، فإن بذل المال حينئذ لواحد منها سفه والمعاملة عليها معاملة سفهية.
ولكن فيه إن التخيير العقلي بين أفراد الطبيعة المطلوبة من شخص معين لا يوجب خروج الفرد المختار عن كونه هو المطلوب منه والمستحق عليه: لأن تشخص الطبيعة السارية طور من أطوار وجودها وشأن من شؤوناتها غير مباين لها ولا ممتاز عنها إلا بخصوصية التطور الغير الموجب لخروجه عن كونه هو المستحق عليه، ولذا كان الموجد له ممتثلا لما أمر به وفي الدين الكلي الثابت في الذمة وفاء له وليس إلا لكونه عين المطلوب منه والمشغولة به ذمته، فإذا كان العمل مطلوبا منه كان المأتى به هو المستحق عليه نعم لو كان للخصوصية عنوان مستقل يتحد مع الطبيعة في الوجود مرة ويفترق عنها أخرى كالكون في المسجد مثلا من حيث هو كون فيه، جاز بذل العوض بإزاء ذلك العنوان بخصوصه، وإن اتحد مع الطبيعة المطلوبة في الوجود والمعوض عنه فيما نحن فيه هو الصلاة في خصوص المسجد لا نفس