وكيف كان فالمدار في صحة تعلق الإجارة وغيرها من العقود على اجتماع تلك الشروط المتقدمة وعدمه وحيث لا مانع من جهتها في التوصلي من الفروض الكفائية جاز أخذ العوض عليها كما عليه جدنا (في المصابيح (1) تبعا لغير واحد ممن تقدم عليه غير أن بعض الفروض الكفائية ربما يستفاد من أدلة وجوبها صيرورة ذلك العمل حقا " للغير يستحقه من المكلف كما يدعى:
أن الظاهر من أدلة وجوب تجهيز الميت أن للميت حقا " على الأحياء في التجهيز فكل من فعل شيئا منه في الخارج فقد أدى حق الميت، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه وكذا تعليم الجاهل أحكام عباداته الواجبة عليه وما يحتاج إليه كصيغة النكاح ونحوها لكن تعيين هذا يحتاج إلى لطف قريحة.
وإن أبيت ذلك فنقول: إن مقتضى القاعدة جواز أخذ الأجرة على الواجب الكفائي إذا كان توصليا " مطلقا " إلا ما قام الدليل من اجماع أو غيره على المنع عنه كتجهيز الأموات الذي لم ينقل فيه جواز أخذ الأجرة عليه إلا ما يحكى عن المرتضى رحمه الله ولعل خلافه كما حكى عنه في وجوب التجهيز على غير الولي بناء منه على الترتيب في الوجوب بين الولي وغيره لا في حرمة أخذ الأجرة على تقدير الوجوب عليه.
____________________
(1) كما مر آنفا ما نقلناه عنه في المصابيح ص 12.