في بيان أن (كم) الخبرية متضمنة للإنشاء، وذلك أنك إذا قلت: نعم الرجل زيد، فإنما تنشئ المدح وتحدثه بهذا اللفظ، وليس المدح موجودا في الخارج في أحد الأزمنة مقصودا مطابقة هذا الكلام إياه، حتى يكون خبرا، بلى، تقصد بهذا الكلام مدحه على جودته الموجودة خارجا، ولو كان إخبارا صرفا عن جودته خارجا لدخله التصديق والتكذيب، فقول الأعرابي لمن بشره بمولوده وقال، نعم المولودة:
والله ما هي بنعم الولد 1..، ليس تكذيبا له في المدح إذ لا يمكن تكذيبه فيه، بل هو إخبار بأن الجودة التي حكمت بحصولها في الخارج ليست بحاصلة، فهو إنشاء جزؤه الخبر، وكذا الإنشاء التعجبي، والإنشاء الذي في (كم) الخبرية، وفي: رب، هذا غاية ما يمكن ذكره في تمشية 2 ما قالوا، من كون هذه الأشياء للإنشاء، ومع هذا كله فلي فيه نظر، إذ يطرد ذلك في جميع الأخبار لأنك إذا قلت:
زيد أفضل من عمرو، ولا ريب في كونه خبرا، لم يمكن أن تكذب في التفضيل ويقال لك: إنك لم تفضل، بل التكذيب إنما يتعلق بأفضلية زيد، وكذا إذا قلت: زيد قائم وهو خبر بلا شك، لا يدخله التصديق والتكذيب من حيث الاخبار، إذ لا يقال أنك أخبرت أو لم تخبر، لأنك أوجدت بهذا اللفظ: الأخبار، بل يدخلانه من حيث القيام فيقال: إن القيام حاصل أو ليس بحاصل، فكذا قوله: ليس بنعم المولودة 3، بيان أن النعمية 4، أي الجودة المحكوم بثبوتها خارجا، ليست بثابتة، وكذا في التعجب، وفي كم، ورب، قوله: (فمنها نعم وبئس) اعلم أن نعم وبئس، في الأصل، فعلان على وزن فعل بكسر العين، وقد اطرد في لغة تميم، كما يجئ في التصريف 5، في ( فعل) إذا كان فاؤه مفتوحا وعينه حلقيا: أربع لغات، سواء كان اسما، كرجل لعث، أو فعلا، كشهد، ،