أعني مصدر الخبر مضافا إلى المبتدأ، فالمعلوم في قولك: علمت زيدا قائما: قيا م زيد، وكذا في قولك: جعلت زيدا غنيا، المجعول: غنى زيد، ويصح أن يقال للمفعول الأول هنا، مفعول، لكن لا مطلقا، بل بقيد الخبر 1، فيقال في علمت زيدا قائما: زيد معلوم على صفة القيام، وفي جعلت زيدا غنيا: زيد مجعول على صفة الغنى، وإن كان متعديا إلى ثلاثة، وقع اسم المفعول على كل واحد من الأول، ومن مضمون الثاني والثالث، أعني مصدر الثالث مضافا إلى الثاني، ففي قولك أعلمتك زيدا مطلقا:
المخاطب معلم، وانطلاق زيد، أيضا معلم، فثبت بهذا التقرير أن المفعول به إما أن يكون واحدا، أو اثنين أولهما غير ثانيهما فضربت زيدا، متعد إلى واحد، وكذا علمت زيدا قائما في الحقيقة، وأعطيت زيدا درهما متعد إلى مفعولين أولهما غير الثاني، وكذا: أعلمتك زيدا منطلقا في الحقيقة، لكنهم لما كان ما هو المفعول حقيقة: مضمون جملة ابتدائية، نصبوهما معا، وسموا الأول مفعولا أول، والثاني مفعولا ثانيا، وفي نحو: أعلمتك زيدا فاضلا: سموهما ثانيا وثالثا، وإنما نصبوهما معا لأن ما هو المفعول في الحقيقة مضمونهما معا، لا مضمون أحدهما، وإن كان الفعل لازما، فإن لم يتعد بحرف جر، لم يجز بناء اسم المفعول منه كما لم يجز بناء الفعل المبني للمفعول منه، إذ المسند لا بد له من المسند إليه، فلا يقال: المذهوب، كما لا يقال: ذهب، وإن تعدى إلى المجرور، جاز بناء اسم المفعول مسندا إلى ذلك الجار والمجرور، نحو: سرت إلى البلد، فهو مسير إليه، وعدلت عن الطريق فهو معدول عنه، وكذا في متعد 2 حذف منه ما هو المفعول به وعدي بحرف الجر، نحو رميت عن القوس، فهي مرمي عنها، والمرمي هو السهم،