ولم يبن الجزآن ولا أحدهما في نحو: يدا بيد، ونحو: شاة ودرهما وإن أفاد فائدة المفرد، ولذلك أعرب أولهما إعراب المفرد الذي يفيدان معناه كما تبين في باب الحال، لظهور 1 انفكاك الجزأين: أحدهما من صاحبه، بالحرف المتخلل، وكان بناء ثاني جزأي بادي يدي تشبيها بخمسة عشر أكثر من بناء ثاني جزأي معد يكرب، لقصدهم التخفيف ههنا أكثر، ألا ترى إلى تخفيف همزتي بادئ بدئ، على غير القياس، كما يجيئ، فكثر بناؤه أيضا، على غير القياس، لأن الكلمة تخفف بالبناء، لتجردها عن التنوين والأعراب، وإنما لم يبن الجزآن، ولا أحدهما في الأعلام المنقولة عن المضاف والمضاف إليه، وإن انمحى عن الجزأين أيضا معنياهما الافراديان، كما انمحى في بادي بدي، لأن العلم ينقل بالكلية عن معنى إلى معنى آخر، من غير لمح للأصل إلا لمحا خفيا في بعض المواضع، كما في نحو: الحسن، والعباس، فلما غير المضاف من حيث المعنى تغييرا تاما، لم يغير من حيث اللفظ، ليكون فيه دليل على الأصل المنقول منه، من أحد الطرفين: أي اللفظ والمعنى، بخلاف نحو: بادي بدي، فإن معناه الأصلي مقصود مما نقل إليه، إلا أن المنقول منه إضافي، والمنقول إليه إفرادي، وجعل جار الله 2: بادي بدي، وأيدي سبا، من باب معد يكرب، وجعلها سيبويه من باب خمسة عشر، وهو الأولى، وإن كان على جهة التشبيه، ولو كان الأمر كما قال جار الله، لوجب إدخال التنوين في (بدي)، و (بدا)، لأن فيهما تركيبا بلا علمية، ولم يسمعا منونين، وكذا: أيدي سبا، فإنه لا ينون (سبا) لأنه اسم رجل، لأن معنى:
أيدي سبا، أولاد سبأ بن يشجب، وليس اسم قبيلة، كما أول في قوله تعالى: (لقد كان لسبأ في مسكنهم 3)، و: (جئتك من سبأ) 4، لأن المضطر 5 إلى هذا التأويل ترك التنوين،