منزل فلان بن فلان، قال: وما كان مرضه؟ قال: كذا وكذا، قال: وكم يوما مرض؟ قال: كذا وكذا، قال: ففي أي يوم مات؟ ومن غسله؟ ومن كفنه؟ وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه؟ ومن نزل قبره؟
فلما سأله عن جميع ما يريد كبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكبر الناس جميعا، فارتاب أولئك الباقون، ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه، فأمر أن يغطى رأسه وينطلق به إلى السجن، ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال: كلا، زعمتم أني لا أعلم بما صنعتم؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ما أنا إلا واحد من القوم، ولقد كنت كارها لقتله، فأقر.
ثم دعا بواحد بعد واحد كلهم يقر بالقتل وأخذ المال، ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا، فألزمهم المال والدم.
فقال شريح: يا أمير المؤمنين، وكيف حكم داود النبي (عليه السلام)؟
فقال: إن داود النبي (عليه السلام) مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم: ب " يا مات الدين "، فيجيب منهم غلام، فدعاهم داود (عليه السلام) فقال: يا غلام، ما اسمك؟ قال: مات الدين، فقال له داود (عليه السلام): من سماك بهذا الاسم؟ فقال أمي.
فانطلق داود (عليه السلام) إلى أمه، فقال لها: يا أيتها المرأة! ما اسم ابنك هذا؟ قالت:
مات الدين، فقال لها: ومن سماه بهذا؟ قالت: أبوه، قال: وكيف كان ذاك؟
قالت: إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم، وهذا الصبي حمل في بطني، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي، فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فقلت لهم: فأين ما ترك؟
قالوا: لم يخلف شيئا، فقلت: هل أوصاكم بوصية؟ قالوا: نعم، زعم أنك حبلى، فما ولدت من ولد جارية أو غلام فسميه " مات الدين " فسميته.