الإنسان على الحق ولا يحب المثال الذي يتجسد فيه الحق بعينه؟!... ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلل﴾ (1).
كيف يتواءم ارتداء ثياب الإيمان الجميلة، وإيكال القلب إلى الله، مع عدم حب علي (عليه السلام) بما يمثله من ذوبان في الله، وتجسيد لأسمى معاني حب الله وعبادته، وما يعكسه من أعلى درجات الإيمان؟ وهذا ما يحيط اللثام عن سر قوله (عليه السلام):
" لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني، وذلك انه قضي فانقضى على لسان النبي الأمي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يا علي، لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق " (2).
وهنا مكمن السر الذي غرس حب علي (عليه السلام) في قلوب مؤمنين صالحين طاهرين راسخ إيمانهم، ونقية قلوبهم، وجعل حبه ثابتا بين ثنايا أرواحهم ولا يزول حتى في أقسى وأمر ظروف الحياة. فسطروا بأقدام ثابتة أروع الملاحم، وخلدوا بدافق دمائهم معاني العزة والمقاومة والإيمان بالحق وحب الحق على ناصية التاريخ، من أمثال حجر، ورشيد، وميثم، وعمرو بن الحمق وغيرهم.