وقد صور هذا الخطاب ما في نفس الامام من غيظ ممض، ويأس شديد من أصحابه الذين امتلأت قلوبهم خوفا وذلا من أهل الشام فتخاذلوا وقبعوا في بيوتهم يطاردهم الفزع، حتى فسد على الامام أمره، 3 - واقصة:
ووجه معاوية الضحاك بن قيس الفهري إلى واقصة ليغير على كل من كان فيها من شيعة الامام وضم إليه ثلاثة آلاف رجل، فسار الضحاك فنهب أموال الناس، وقتل كل من ظن أنه على طاعة الامام، وسار حتى انتهى إلى القطقطانة، وهن يشيع القتل والارهاب ثم سار إلى السماوة، وبعدها ولى إلى الشام، ولما وافت الانباء الإمام (ع) قام خطيبا في جيشه وقد دعاهم إلى صد هذا الاعتداء فلم يستجب له أحد، فقال (ع):
" وددت والله ان لي بكل عشرة منكم رجلا من أهل الشام، واني صرفتكم كما يصرف الذهب ولوددت أني لقيتهم على بصيرتي فأراحني الله من مقاساتكم ومداراتكم " وسار الامام وحده نحو الغريين لصد هذا الاعتداء فلحقه عبد الله بن جعفر بدابة فركبها، ولما رأى الناس ذلك خف إليه بعضهم، فسرح (ع) لطلب الضحاك حجر بن عدي في أربعة آلاف، وسار في طلبه فلم يدركه فرجع (1) لقد اخذت غارات معاوية تتوالى على العراق، من دون ان تتعرض لأي مقاومة تذكر، وقد أيقن معاوية بالنصر، والظفر لما مني به أصحاب الإمام من التخاذل.