فاستحلوا دماء المسلمين، وقالوا بكفرهم، واجتاز عليهم الصحابي عبد الله بن خباب بن الأرت، فتصدوا له فسألوه عن اسمه فأخبرهم به، ثم سألوه عن انطباعاته الخاصة عن الامام أمير المؤمنين فاثنى عليه فاستشاطوا غضبا فانبروا إليه فأوثقوه كتافا، وأقبلوا به وبامرأته وكانت حبلى قد أشرفت على الولادة فجاؤوا بهما تحت نخل، فسقطت رطبة منها فبادر بعضهم إليها فوضعها في فيه فأنكروا عليه فألقاها من فمه، واخترط بعضهم سيفا فضرب به خنزيرا لأهل الذمة فقتله فصاح به بعضهم ان هذا من الفساد في الأرض، فبادر الرجل إلى الذمي فأرضاه فلما نظر عبد الله إلى احتياطهم في الأموال قال لهم:
" لئن كنتم صادقين فيما أرى ما علي منكم باس، والله ما أحدثت حدثا في الاسلام واني لمؤمن، وقد آمنتموني وقلتم لا روع عليك ".
فلم يعنوا به، وعمدوا إليه فاقبلوا به إلى الخنزير الذي قتلوه فوضعوه عليه، وذبحوه، وأقبلوا على امرأته، وهي ترتعد من الخوف فقالت لهم مسترحمة:
" إنما إنا امرأة اما تتقون الله؟ " ولم تلن قلوبهم التي طبع عليها الزيغ، فذبحوها وبقروا بطنها، وعمدوا إلى ثلاثة نسوة فقتلوهن، (1) وفيهن أم سنان الصيداوية وكانت قد صحبت النبي (ص)، وجعلوا يذيعون الذعر، وينشرون الفساد في الأرض.
وأوفد لهم الامام الحرث بن مرة العبدي يسألهم عن هذا الفساد الذي أحدثوه ويطلب منهم ان يسلموا إليه الذين استحلوا قتل الأنفس التي حرم الله ازهاقها بغير الحق، ولم يكد الرسول يدنو منهم حتى قتلوه ولم يدعوه يدلي بما جاء به.