الخديعة على حبر الأمة عبد الله بن عباس فالتفت إلى الأشعري يحذره من مكيدة ابن العاص قائلا له:
" ويحك والله إني لأظنه قد خدعك، إن اتفقتما على أمر فقدمه فليتكلم بذلك الامر قبلك، ثم تكلم أنت بعده، فان عمرو رجل غادر لا آمن من أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه، فإذا قمت في الناس خالفك.. " ولم يعن الغبي بابن العباس، وانما راح يشتد نحو منصة الخطابة، فلما استوى عليها حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (ص) ثم قال:
" أيها الناس إنا قد نظرنا في أمرنا فرأينا أقرب ما يحضرنا من الامن والصلاح ولم الشعث، وحقن الدماء، وجمع الألفة، خلعنا عليا ومعاوية وقد خلعت عليا كما خلعت عمامتي هذه " وأهوى إلى عمامته فخلعها " واستخلفنا رجلا قد صحب رسول الله (ص) بنفسه، وصحب أبوه النبي (ص) فبرز في سابقته، وهو عبد الله بن عمر... " (1) أف للزمان وتعسا للدهر أن يتحكم في المسلمين أمثال هؤلاء الصعاليك الذين ران الجهل على قلوبهم.
لقد عزل الأشعري الامام أمير المؤمنين حكيم هذه الأمة، ورائد العدالة الكبرى في الأرض، الذي طوق الدين بعبقرياته ومواهبه، لقد جعل الأشعري قيادة الأمة بيد عبد الله بن عمر وهو لا يحسن طلاق زوجته - على حد تعبير أبيه - انها من مهازل الزمن التي تمثلت على مسرح الحياة العامة في ذلك العصر الذي أخمدت فيه أضواء العقل، وراح الانسان يسير خلف رغباته وميوله.
وعلى أي حال فقد انبرى الخاتل الماكر ابن العاص إلى منصة الخطابة