لهم خيل الامام فرقين، فرق يمضي إلى الميمنة، وفرق يمضي إلى الميسرة، والخوارج يندفعون بين الفرقين، ولم تمض الا ساعة حتى قتلوا عن آخرهم، ولم يفلت منهم الا تسعة (1).
ولما وضعت الحرب أوزارها طلب الامام من أصحابه أن يلتمسوا له ذا الثدية في القتلى ففتشوا عنه فلم يظفروا به، فعادوا إليه يخبرونه بعدم ظفرهم به فأمرهم ثانيا أن يبحثوا عنه قائلا: " والله ما كذبت ولا كذبت ويحكم التمسوا الرجل فإنه في القتلى " فانطلقوا يبحثون عنه، فظفر به رجل من أصحابه، وكان قد سقط قتيلا في ساقية فمضى يهرول فأخبر الامام به فلما سمع النبأ خر ساجدا هو ومن معه من أصحابه ثم رفع رأسه وهو يقول:
" ما كذبت، ولا كذبت ولقد قتلتم شر الناس... " واخذ الامام يحدث أصحابه بما سمعه من النبي (ص) فيه انه قال:
" سيخرج قوم يتكلمون بكلام الحق لا يجاوز حلوقهم يخرجون من الحق خروج السهم - أو مروق السهم - ان فيهم رجلا مخدج اليد، في يده شعرات سود، فان كان فيهم فقد قتلتم شر الناس... وأمر الامام باحضار جثته فأحضرت له فكشف عن يده، فإذا على منكبه ثدي كثدي المرأة، وعليها شعرات سود تمتد حتى تحاذي بطن يده الأخرى، فإذا تركت عادت إلى منكبه، فلما رأى ذلك خر لله ساجدا، ثم عمد الامام إلى القتلى من الفريقين فدفنهم وقسم بين أصحابه سلاح الخوارج، ودوابهم ورد الأمتعة والعبيد إلى أهليهم، كما فعل ذلك بأصحاب الجمل.
وانتهت بذلك حرب النهروان التي تفرعت من واقعة صفين، وقد