وغضب قوم من أهل البصرة، ونقموا على ما اقترفه القوم من نقض الهدنة، والنكاية بحاكمهم، واحتلال بيت المال فخرجوا يريدون الحرب، وكانت هذه الفئة من ربيعة يرأسها البطل العظيم حكيم بن جبلة فقد خرج في ثلاثمائة رجل من بني عبد القيس (1) وخرج أصحاب عائشة، وحملوها معهم على جمل، وسمي ذلك اليوم الجمل الأصغر (2) والتحم الفريقان في معركة رهيبة، وقد أبلى ابن جبلة بلاءا حسنا، ويقول المؤرخون ان رجلا من أصحاب طلحة ضربه ضربة قطعت رجله، فجثا حكيم واخذ رجله المقطوعة فضرب بها الذي قطعها فقتله، ولم يزل يقاتل حتى قتل (3) لقد أضاف القوم إلى نقض بيعتهم للامام نكثهم للهدنة التي وقعوا عليها مع ابن حنيف، وإراقتهم للدماء بغير حق ونهبهم ما في بيت المال وتنكيلهم بابن حنيف ويقول المؤرخون انهم قد هموا بقتله لولا أنه هددهم بأخيه سهل بن حنيف الذي يحكم المدينة من قبل علي وانه سيضع السيف في بني أبيهم إن أصابوه بمكروه، فخافوا من ذلك، واطلقوا سراحه فانطلق حتى التحق بالامام في بعض طريقه إلى البصرة فلما دخل عليه قال للامام مداعبا:
" أرسلتني إلى البصرة شيخا فجئتك أمرد ".
وأوغرت هذه الأحداث الصدور، وزادت الفرقة بين أهل البصرة فقد انقسموا على أنفسهم فطائفة منهم تسللوا حتى التحقوا بالامام، وقوم انضموا إلى جيش عائشة، وطائفة ثالثة اعتزلت الفتنة، ولم يطب لها الانضمام إلى أحد الفريقين.