العامة، والعامة على بيعة علي فما ترون أيها الناس؟ ".
فقام إليه الفذ النبيل حكيم بن جبلة فخاطبه بمنطق الايمان والحق والاصرار على الحرب (1).
وجرت مناظرات بين الفريقين إلا انها لم تنته إلى خير، وخطب طلحة والزبير، وكان خطابهما الطلب بدم عثمان، فرد عليهما أهل البصرة ممن كانت تأتيهم رسل طلحة بالتحريض على قتل عثمان وحملوه المسؤولية في إراقة دمه وخطبت عائشة خطابها الذي كانت تكرره في كل وقت وهو التحريض على المطالبة بدم عثمان لأنه قد خلص من ذنوبه، وأعلن توبته ولكنها لم تنه خطابها حتى ارتفعت الأصوات فقوم يصدقونها وقوم يكذبونها وتسابوا فيما بينهم وتضاربوا بالنعال، واقتتل الفريقان أشد القتال وأعنفه وأسفرت الحرب عن عقد هدنة بينهما حتى يقدم الإمام علي، وكتبوا بينهم كتابا وقعه عثمان بن حنيف، وطلحة والزبير وقد جاء فيه باقرار عثمان ابن حنيف على الامرة، وترك المسلحة وبيت المال له، وان يباح للزبير وطلحة وعائشة ومن انضم إليهم أن ينزلوا حيث شاءوا من البصرة.
ومضى ابن حنيف يقيم بالناس الصلاة، ويقسم المال بينهم، ويعمل على نشر الامن وإعادة الاستقرار في المصر، إلا أن القوم قد خاسوا بعهدهم ومواثيقهم، فاجمعوا على الفتك بابن حنيف، ويقول المؤرخون: ان حزب عائشة انتهزوا ليلة مظلمة شديدة الريح فعدوا على ابن حنيف وهو يصلي بالناس صلاة العشاء فأخذوه ثم عدوا إلى بيت المال فقتلوا من حرسه أربعين رجلا، واستولوا عليه، وزجوا بابن حنيف في السجن وأسرفوا في تعذيبه بعد أن نتفوا لحيته وشاربيه (2).