وخوفا، فقد أحاطت ببلدهم القوات العسكرية التي تنذر باحتلال بلدهم وجعلها منطقة حرب، وعصيان على الخليفة الشرعي، وانبرى حاكم البصرة عثمان بن حنيف وهو من ذوي الإدارة والحزم والحريجة في الدين، فبعث أبا الأسود الدؤلي إلى عائشة يسألها عن سبب قدومها إلى مصرهم، ولما مثل عندها قال لها.
- ما أقدمك يا أم المؤمنين؟
- اطلب بدم عثمان.
- ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد.
- صدقت، ولكنهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة، وجئت أستنهض أهل البصرة لقتاله، انغضب لكم من سوط عثمان، ولا نغضب لعثمان من سيوفكم.
ورد عليها أبو الأسود قائلا:
" ما أنت من السوط والسيف، انما أنت حبيسة رسول الله (ص) أمرك أن تقري في بيتك وتتلي كتاب ربك، وليس على النساء قتال، ولا لهن الطلب بالدماء، وان عليا لأولى منك، وأمس رحما، فإنهما ابنا عبد مناف ".
ولم تذعن لقوله، وراحت مصرة على رأيها قائلة:
" لست بمنصرفة حتى أمضي لما قدمت إليه، أفنظن أبا الأسود أن أحدا يقدم على قتالي؟!! ".
وحسبت أنها تتمتع بحصانة لعلاقتها الزوجية من النبي (ص) فلا يقدم أحد على قتالها، ولم تعلم أنها أهدرت هذه الحرمة ولم ترع لها جانبا فأجابها أبو الأسود بالواقع قائلا:
" أما والله لتقاتلن قتالا أهونه الشديد ".