وهذه الرواية شاذة إذ لم يذكر فيها مهمة مسلم في ايفاده إليهم من أخذ البيعة له، وغير ذلك مما هو من صميم الموضوع في ارسال مسلم.
الثالثة: رواها الطبري وقد جاء فيها بعد البسملة:
" من الحسين بن علي إلى الملاء من المؤمنين والمسلمين أما بعد: فان هانئا وسعيدا (1) قدما علي بكتبكم، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم وقد فهمت كل الذي اقتصصتم، وذكرتم ومقالة جلكم، أنه ليس علينا امام فاقبل لعل الله يجمعنا بك على الهدى والحق.
وقد بعثت لكم أخي وابن عمي، وثقتي من أهل بيتي، وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم، فان كتب أنه قد اجتمع رأي ملاكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت علي به رسلكم، وقرات في كتبكم، أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله، فلعمري ما الامام الا العامل بالكتاب والاخذ بالقسط والدائن بالحق، والحابس نفسه على ذات الله والسلام.. " (2).
وحفلت هذه الرسالة - حسب نص الطبري - بالأمور التالية:
1 - توثيق مسلم والتدليل على سمو مكانته، فهو ثقة الحسين.
2 - تحديد صلاحية مسلم باستكشاف الأوضاع الراهنة، ومعرفة التيارات السياسية، ومدى صدق القوم في دعواهم، ومن الطبيعي أنه لا تناط معرفة هذه الأمور الحساسة إلا بمن كانت له المعرفة التامة بشؤون المجتمع وأحوال الناس:
3 - انه أوقف قدومه عليهم بتعريف مسلم له باجماع الجماهير ورجال الفكر على بيعته، فلا يقدم عليهم حتى يعرفه سفيره بذلك.